للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلو قال أحد بقول ثالث وهو أنه: يقاد الأب مطلقاً لكان قوله مخالفا للقولين السابقين فهو مخالف للجمهور لأن الجمهور لا يرون أنه يقاد، ويخالف قول مالك لأن مالك لا يرى غير المتعمد يقاد، فمثل هذا لا يسمى تلفيقا.

ومن أمثلة التلفيق الصحيح:

المثال الأول: اختلف العلماء في تحديد وقت المسح على الخفين على قولين هما:

القول الأول: ذهب مالك في أحد قوليه إلى أنه لا يحدد بوقت سواء كان بسفر أو حضر (١)، وهذا القول نسب إلى ربيعة وآخرين (٢).

والقول الثاني: قول الجمهور (٣) أن المسافر يحدد بثلاثة أيام وأن المقيم بيوم وليلة على مقتضى حديث علي الذي أخرجه مسلم (٤).

فلو قال قائل: يحدد للمسافر بثلاثة أيام وللمقيم بيوم وليلة إلا إذا كان في سفر مضطر وقد جد به المسير؛ فإنه لا يحدد.

فمثل هذا قول ملفق وافق الجمهور إلا في حال اضطرار، ووافق القول الذين لا يقولون بالتحديد في حال الاختيار.

المثال الثاني: أن الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم - اختلفوا على قولين في استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة (٥):


(١) انظر: «الأوسط» لابن المنذر (٢/ ٨٦)، و «التمهيد» لابن عبد البر (١١/ ١٥١ - ١٥٢).
(٢) انظر: «الأوسط» لابن المنذر (٢/ ٨٧).
(٣) انظر: «التمهيد» لابن عبد البر (١١/ ١٥٢)، و «المغني» لابن قدامه (١/ ٢٠٩).
(٤) أخرجه مسلم (٢٧٦).
(٥) انظر الأقوال في: «المجموع» (٢/ ٨١)، و «شرح مسلم» (٣/ ١٥٤)، و «شرح أبي داود» (ص: ١٠٦) ثلاثتهم للنووي، و «المغني» (١/ ٢٠٩) وغيرها.

<<  <   >  >>