للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما وقع في حياته -صلى الله عليه وسلم- فإنه حجة لسببين:

الأول: إما أنه اطلع عليه، فهو إقرار منه صلى الله عليه وسلم.

الثاني: أو أن الله لم ينكره، فهذا إقرار من الله، فهو حجة على الصحيح.

بل عزا ابن حجر حجيته إلى جماهير أهل العلم في كتابه «النكت على مقدمة ابن الصلاح» (١).

ومن الأدلة على ذلك: ما أخرج مسلم من حديث جابر قَالَ: «كُنَّا نَعْزِلُ (٢)، وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ» (٣).

استدل على جواز العزل بأن الله لم ينكره، قال سفيان ابن عيينة: لو كان منهيا عنه لنهى عنه القرآن (٤).

إذن الإجماع: «اتفاق مجتهدي الأمة على مسألة شرعية بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم».

وقال بعض المتكلمين كأبي بكر الباقلاني (٥) والآمدي (٦) في «أصول الأحكام» أن قول العوام يعتد به في الإجماع وفاقاً وخلافاً، بمعنى إذا خالف العامة لم يصح الإجماع.

وهذا فيه نظر كبير بل هو خطأ؛ وذلك أن العوام في مسائل الشريعة تبع لأهل العلم، فإذا أجمع أهل العلم فالعوام تبع لهم ولا يصح للعامي أن يخالف. ذكره


(١) انظر «النكت على مقدمة ابن الصلاح» لابن حجر (٢/ ٥١٥) وما بعدها.
(٢) العَزْلُ: هو عَزْلُ الرَّجُلِ الماءَ عن جاريتِه إذا جَامَعَهَا لِئَلَّا تَحمِل. انظر: «لسان العرب» لابن منظور (١١/ ٤٤١)
(٣) أخرجه البخاري (٥٢٠٨)، ومسلم (١٤٤٠).
(٤) أخرجه مسلم (٢/ ١٠٦٥) رقم (١٤٤٠).
(٥) انظر: «المحصول» للرازي (٤/ ١٩٦)، و «شرح مختصر الروضة» للطوفي (٣/ ٣١).
(٦) انظر: «الإحكام في أصول الأحكام» للآمدي (١/ ٢٢٨).

<<  <   >  >>