للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وابن قدامة (١).

إيراد ورده

فإن قال قائل: اشتهر عند بعض أهل العلم أن الشافعي خالف في حجية الإجماع السكوتي حيث قال: «لا ينسب إلى ساكت قول» (٢). فدل هذا على أن الشافعي لا يرى الإجماع السكوتي حجة.

يقال: قد خالف في نسبة هذا إلى الشافعي جمع من أهل العلم، وممن خالف في ذلك محقق المذهب الشافعي وإمامه أبو حامد الإسفراييني، وأبو حامد الشيرازي، والنووي رحمه الله تعالى، فقد نصوا على أن الشافعي يرى الإجماع السكوتي حجة في القديم وفي الجديد، وذكروا أمثلة للشافعي رحمه الله تعالى تدل على أن الإجماع السكوتي حجة (٣).

بل ذكر ابن برهان: أن القول بحجية الإجماع السكوتي هو الذي عليه الأئمة (٤).

وصدق -رحمه الله تعالى- فإن أول من خالف في حجيته هم المتكلمون.

أما أئمة الإسلام فهم متواردون على أن الإجماع السكوتي حجة وذلك أنهم لما قالوا الإجماع حجة واحتجوا به عمليًا في مسائل كثيرة فهم يرون بهذا أن الإجماع السكوتي حجة.

والأظهر -والله أعلم- أن الإجماع السكوتي لا يخص بالصحابة كما هو صنيع العلماء والمتوارد من صنيعهم، بل في الصحابة ومن بعدهم، كما سيأتي بيان هذا إن شاء الله تعالى.


(١) انظر: «روصة الناظر» لابن قدامة (١/ ٣٩١).
(٢) انظر نسبة هذا القول للشافعي في: «التبصرة في أصول الفقه» للشيرازي (ص: ٥١٧)، و «البرهان في أصول الفقه» لإمام الحرمين (١/ ٢٧١) وغيرهما.
(٣) انظر: «البحر المحيط» للزركشي (٦/ ٤٥٧) نقلًا عن «شرح الوسيط» للنووي.
(٤) انظر: «البحر المحيط» للزركشي (٦/ ٤٥٧).

<<  <   >  >>