للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشافعي وإسحاق ابن راهويه، إذا حكى أحد هؤلاء الأئمة أو غيرهم إجماعًا فإن الأصل صحة الإجماع إلا إذا تبين أنه مخروم، فإذا تبين أنه مخروم فيسقط الإجماع، كما أنه إذا احتج أحد هؤلاء العلماء أو غيرهم بحديث من سنة النبي صلى الله عليه وسلم فالأصل أن الحديث صحيح لكن لو تبين أنه ضعيف فإنه يرد لكن الأصل أنه صحيح، كما إذا صرح أحد هؤلاء العلماء بصحة حديث وهذا أولى من الاحتجاج فالأصل صحته لكن لو تبين أنه ضعيف فينتقل من هذا الأصل لما ظهر للناظر والمجتهد، ومثل هذا إذا حكى إجماعا فالأصل أن الإجماع صحيح لكن لو تبين أن الإجماع مخروم فيسقط الإجماع ويسقط الاستدلال به.

إلا أنه لا ينبغي أن يتعجل في زعم خرم الإجماع، فقد يكون الإجماع سابقاً والخلاف حادثًا، فقد يحكي النووي إجماعًا وهو يريد إجماع الصحابة والتابعين وخالف أناس في القرن الرابع، فينبغي أن يتأمل في مثل هذا فقد يكون الذي خالف محجوجًا بالإجماع السابق، فلا يصح أن يتعجل لكن إذا قدر أنه ثبت خرم الإجماع فيسقط الإجماع، ولابد أن يضع الناظر أمام عينيه عند بحث مثل هذا أن لا يكون الإجماع سابقاً ثم حدث خلاف بعد، وفي المقابل أن لا يكون في المسألة خلاف ثم انعقد الإجماع بعدُ كالتكبير أربعاً على الجنائز، فقد حكى ابن عبد البر (١) والنووي (٢)


(١) انظر: «التمهيد» لابن عبد البر (٦/ ٣٣٤).
حيث قال: «اختلف السلف في عدد التكبير على الجنازة ثم اتفقوا على أربع تكبيرات وما خالف ذلك شذوذ يشبه البدعة والحدث».
(٢) انظر: «المجموع» للنووي (٥/ ٢٣٠).

حيث قال: «التكبيرات الأربع أركان لا تصح هذه الصلاة إلا بهن وهذا مجمع عليه وقد كان لبعض الصحابة وغيرهم خلاف في أن التكبير المشروع خمس أم أربع أم غير ذلك ثم انقرض ذلك الخلاف وأجمعت الأمة الآن على أنه أربع تكبيرات بلا زيادة ولا نقص».

<<  <   >  >>