للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الأول: إن هناك فرقًا بين تأصيل العالم وعمله فقد يخطئ ويظن أن له سلفاً، فلا يؤخذ من عمله تأصيل إذا خالف تأصيله، وإنما يقال: أخطأ في تنزيل هذا الأصل على الفرع لا أن ينقض الأصل.

فلو قال عالم: إن الأمر يقتضي الوجوب. ولم يقل بالوجوب في مسألة فيها أمر وليس هناك صارف، فلا يقال: إن له قولاً آخر في دلالة الأمر على الوجوب، بل يقال أخطأ في تنزيل هذا الأصل على هذا الفرع.

الوجه الثاني: أن مقتضى هذا القول جواز إحداث قول جديد، وهذه طامة والبحث معه مختلف عن البحث مع البقية؛ لأن من يجوز إحداث قول جديد حقيقة قوله أن الإجماع ليس حجة؛ لأن أي إجماع يجوز أن يخالف بإحداث قول جديد لذا كل دليل يدل على أن الإجماع حجة ردٌّ على هذا.

ويقال أيضًا: كل دليل يدل على أن المحدثات ممنوعات في الشرع كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ» (١)، ردٌّ عليه وتقدم بيان هذا.

* * *

الشبهة التاسعة عشرة

قال بعضهم: قال الإمام إسحاق بن راهويه في «مسائل إسحاق بن منصور»: قيل لإسحاق بن راهويه: إن أخاك أحمد بن حنبل أجاب فيها بمثل جوابك فقال: ما ظننت أن أحدًا يوافقني (٢).

فهذا يدل على أن إسحاق بن راهويه يرى إحداث قول جديد؛ لأنه قال في مسألة لا يظن أن أحدا يوافقه عليها.


(١) أخرجه البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨).
(٢) انظر: «مسائل إسحاق بن منصور» (٥/ ٢٠٧٥)، بلفظ: «ظننت أنّ أحداً لا يتابعني عليه».
واللفظ أعلاه انظره في «المحلى» لابن حزم (٥/ ٢٤٧).

<<  <   >  >>