للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأمثلة على هذه ليست قليلة، والدليل على أنه حجة هو كل دليل يدل على أن الإجماع حجة؛ وذلك أن الإجماع يكشف القول الراجح من القول المرجوح.

أما من خالف في ذلك من المتكلمين وبعض الأصوليين الذين تأثروا بالمتكلمين لما قالوا: إن الأقوال لا تموت بقول قائليها. فقولهم مرجوح لما تقدم ذكره.

* * *

المسألة الثامنة

ضابط القول الشاذ

كثيرا ما يقع ناظراك في كلام أهل العلم على قولهم: «إن هذا القول شاذ»، فما ضابط ذلك القول الشاذ؟

فيقال وبالله - تعالى - التوفيق: ضابط القول الشاذ - والله أعلم - هو: القول المخالف للإجماع.

فإذا انعقد الإجماع على مسألة ثم حدث قول فإن هذا القول شاذ. وهذا الذي ذكرته مستفاد من صنيع ابن قدامة في «روضة الناظر» (١).

وقد حصل توسع عند كثير من أهل العلم في وصف قول بأنه شاذ حتى إذا اشتهر في أهل البلد قول وخالفه أحد قالوا: إن قوله شاذ بحجة أنه خالف أهل البلد أو الشائع والمنتشر.

وهذا خطأ، فقد يكون القول الذي اشتهر عند أهل البلد ليس عليه إلا المذهب الذي شاع عند أهل البلد، كأن يشيع عندهم المذهب الحنبلي فيتبنى هذا القول أصحاب أهل البلد؛ لأنهم حنابلة وهذا القول من أفراد المذهب الحنبلي فإذا خالفهم أحد لدليل يراه متبعا في ذلك الحنفية والمالكية والشافعية وصف قوله


(١) انظر: «روضة الناظر» لابن قدامة (١/ ٤١٠)، ولفظه: «والشذوذ يتحقق بالمخالفة بعد الوفاق».

<<  <   >  >>