للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتقسيم الأدلة إلى قطعي وظني من حيث هو تقسيم لا إشكال فيه؛ إذ هو واقع ماله من دافع، ولا يصح أن يرد وإنما الواجب أن لا يستعمل هذا التقسيمُ استعمالا إبليسيًّا في رد الأدلة ورفضها.

إذا تبين هذا فلتعلمْ أن من أهم ما يضبط هذا الأمر هو الإجماع؛ لأن مزية دليل الإجماع أنه قاطع في دلالته، كما نص على هذا الغزالي في «المستصفى» (١)، وابن قدامة في «روضة الناظر» (٢) ونقله الزركشي في «البحر المحيط» (٣) والشوكاني في «إرشاد الفحول» (٤) عن الصيرفي وابن برهان والأصفهاني بل صرح الأصفهاني أنه المشهور.

ومعنى أنه قاطع في دلالته أمران:

الأمر الأول: أن دلالته لا تحتمل أكثر من وجه.

الأمر الثاني: أنه لا يصح أن ينسخ؛ لأن الإجماع لم يكن إلا بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذن لا يمكن أن ينسخ، بل العكس صحيح على الصحيح، فإنَّ الإجماع يدل على نسخ الأدلة؛ لأنه مستند على نص وليس هو الناسخ في نفسه (٥).


(١) انظر: «المستصفى» للغزالي ص ١٤٢ وما بعدها.
(٢) انظر: «روضة الناظر» لابن قدامه (١/ ٣٧٨) وما بعدها.
(٣) انظر: «البحر المحيط» للزركشي (٦/ ٣٨٨).
(٤) انظر: «إرشاد الفحول» للشوكاني (١/ ٢٠٩).
(٥) انظر في هذا: «المستصفى» للغزالي (١/ ١٠١)، و «المحصول» للرازي (٣/ ٣٥٤)، و «الإحكام في أصول الأحكام» للآمدي (٣/ ١٦٠ - ١٦٢)، و «البحر المحيط» للزركشي (٥/ ٢٨٤ - ٢٨٩)، و «شرح مختصر الروضة» للطوفي (٢/ ٣٣٠ - ٣٣٢) وغيرها.

<<  <   >  >>