للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك ينعقد الإجماع بعد خلاف، بمعنى أن يكون في المسألة قولان ثم يجمع العلماء على أحد هذين القولين، وهذا الإجماع حجة، ويدل على أنه حجة كل دليل يدل على أن الإجماع حجة، فلما أجمع العلماء على أحد القولين فقد كشف لنا إجماعهم الراجح من هذين القولين وبيَّن لنا أن القول الأول هو الصحيح دون القول الثاني (١).

ومما أنبه إليه أن أبا يعلى في «العدة» (٢)، نسب للإمام أحمد رواية أنه لا يرى أن الإجماع بعد الخلاف حجة.

لكن في هذه النسبة، وفما اعتمد عليه نظر؛ لذلك لم يوافقه أبو الخطاب الحنبلي (٣) -وهو تلميذ أبي يعلى - في أن يجعل هذا القول رواية عن الإمام أحمد، ومثله ابن قدامة في «روضة الناظر» (٤).

وصنيع أهل السنة العملي: يدل على أنه حجة، فأهل السنة استدلوا بحرمة الخروج على السلطان بإجماع أهل العلم، مع أنه قد حصل خلاف بين التابعين لكن انعقد الإجماع بعد ذلك.

وثمة أمثلة لهذه المسألة، منها:

المثال الأول: مسألة الخروج على السلطان كان في المسألة خلاف بين التابعين ثم انعقد الإجماع بعد ذلك قال ابن تيمية في «منهاج السنة»: استقر قول أهل السنة على عدم الخروج على السلطان (٥).


(١) انظر في هذا: «المعتمد» لأبي الحسين (٢/ ٣٨)، و «الإحكام» للآمدي (١/ ٢٧٥)، و «البحر المحيط» للزركشي (٦/ ٥٠٤)، و «شرح مختصر الروضة» للطوفي (٣/ ٩٥) وغيرهم.
(٢) انظر: «العدة» لأبي يعلى (٤/ ١١٠٥).
(٣) انظر: «التمهيد في أصول الفقه» لأبي الخطاب (٣/ ٢٩٨).
(٤) انظر: «روضة الناظر» لابن قدامة (١/ ٤٢٨ - ٤٢٩).
(٥) انظر: «منهاج السنة» لابن تيمية (٤/ ٥٢٩).

<<  <   >  >>