للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أننا مأمورن باتباع سبيل المؤمنين، والذي يعرف من سبيل المؤمنين في هذه المسألة هو قول هذا الرجل سواء كان صحابياً أو تابعياً أو من بعده ولا يعرف عن غيره مخالفته، ونحن مأمورون باتباع سبيل المؤمنين، فإذن يجب اتباع هذا القول لأنه سبيل المؤمنين في هذه المسألة فيما نعلم.

إذن الإجماع السكوتي حجة على أي صورة كانت وهذا هو الشائع عمليًا عند العلماء فقد تواردوا على قول ابن عباس الذي أخرجه مالك في الموطأ: «من ترك نسكًا أو نسيه فليهرق دمًا» (١)، وعملوا به؛ لأن ابن عباس قال به ولم يعارضه أحد من أهل العلم وفقهاء الإسلام المشهورين بل احتجوا به، والأمثلة على ذلك كثيرة.

* * *

المسألة السادسة

حتمية استناد الإجماع على نص

لا بد أن يكون الإجماع مستندًا على نص فلا يمكن للإجماع أن يكون حجة إلا أن يستند على نص وما من إجماع إلا وهو مستند على نص، فمتى ما قيل بصحة هذا الإجماع فقطعاً هو مستند على نص، والدليل على هذا أدلة:

الدليل الأول: قوله تعالى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩]، فإذن عند التنازع نرده إلى الله وإلى الرسول، وعند الاتفاق نعمل به؛ لأنه مما دل عليه كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ذكر هذا ابن تيمية كما في «مجموع الفتاوى» (٢).

الدليل الثاني: قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥]، فجعل سبيل المؤمنين موافقاً لما جاء به الرسول، فإذن كل إجماع فهو مستند على نص.


(١) انظر: «الموطأ - رواية يحيى الليثي» للإمام مالك (١/ ٤١٩) رقم (٢٤٠) طبعة إحياء التراث.
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (١٩/ ٩١).

<<  <   >  >>