للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي المقابل لا يصف القول بأنه شاذ؛ لأن الإجماع خفي وليس ظاهراً، بخلاف الإجماع الظاهر الذي اشتهر عن أهل العلم موافقة هذا الإجماع والقول به أو عدم مخالفته ثم وجد من خالفه فإنه يقال إن قوله شاذاً؛ لأن العلماء لا يوردون في كتب الفقه والخلاف العالي الخلاف في هذه المسالة فليس العلماء في أمثال هذه المسائل كالشافعي والإمام أحمد والمروزي والطحاوي وابن عبد البر وغيرهم يحكون أن في المسألة خلافاً بل يقررون على أن في المسألة إجماعًا.

الشبهة السادسة

يوجد كثير من الفقهاء المتأخرين من لا يعتد بالإجماع السكوتي بحجة أنه تكلم طائفة ولم يتكلم الباقون، وإنما غاية ما في الأمر أن الباقين سكتوا، وتقدم بيان الكلام في هذه المسألة، لكن أنبه على أمرين:

الأمر الأول: أن العلماء إذا حكوا الإجماع السكوتي وتطاول الزمان على حكايته ولم يخالف أحد فإن هذا الإجماع السكوتي حجة بالإجماع، ذكر هذا التلمساني (١) والزركشي (٢) وجماعة من أهل العلم، وهذا يستفاد منه في كثير من الإجماعات التي يريد كثير من المتأخرين أو من تأثر بالمتكلمين أن يسقطها.

ومن أمثلة ذلك: تحريم الغناء المصحوب بآلات اللهو.

فائدة: توارد العلماء من قرون على حكاية الإجماع على حرمة الغناء المصحوب بآلات اللهو فعارض بعض المتأخرين وقال: إنه ليس في المسألة إجماع بحجة أن غاية ما فيها الإجماع السكوتي، والإجماع السكوتي ليس حجة.


(١) انظر: «شرح المعالم في أصول الفقه» للتلمساني (٢/ ١٢٢).
(٢) انظر: «البحر المحيط» للزركشي (٦/ ٤٧٢).

<<  <   >  >>