وكشف هذه الشبهة: أن هذا غير صحيح؛ وذلك أنه كان لا يظن أحدًا من معاصريه، أو من العلماء المشهورين في زمانه لا أنه يرى نفسه أحدث هذا القول.
وبأسلوب آخر يقال: كلام إسحاق يحتمل أنه يجوز إحداث قول جديد ويحتمل أنه لا يظن أحدًا من العلماء المعاصرين له يوافقه في هذا القول، وقطعاً يحمل على الثاني دون الأول؛ لأنه ليس إسحاق ولا غيره من أئمة السنة يرون جواز إحداث قول جديد ولو رأوا ذلك لنقل عنهم ولنسبه أهل العلم لهم.
* * *
الشبهة العشرون
قال بعضهم: درج العلماء على تقديم الكتاب والسنة على الإجماع ويجعلون الإجماع آخر مراتب الأدلة، فيقول: دل على هذا الكتاب والسنة والإجماع، إذن إذا تعارض الإجماع والحديث أو الإجماع والآية تقدم الآية أو الحديث.
يقال: أما تقديم الكتاب والسنة على الإجماع من جهة الترتيب فلا شك في هذا، وليس البحث في مثل هذا بل البحث فيمن يظن من النصوص أنه مخالف للإجماع هل يقدم هذا الظن أو يقدم الإجماع الذي هو قطعي في دلالته.
وبطريقة أخرى يقال: إنه إذا ظن مجتهد أن هذا النص يدل على كذا فمهما علت مكانته فإنه ما بين أن يقطع أو يظن، وقطعه وظنه محتمل للخطأ فإذا ظن أن النص مخالف للإجماع فقطعاً الإجماع مقدم على ظنه لأن الإجماع قاطع، وهذا بخلاف فهمه فهو يحتمل الخطأ، فيقدم المعصوم القاطع على الفهم الظني المحتمل.
ولو ضبط هذا لانكشفت مسائل كثيرة؛ لأن كثيرًا ممن يريد رد الإجماع في ظاهر النصوص يفترض التعارض والواقع لا تعارض.