للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفاة كأنس أو جابر رجعوا فإن هذا الإجماع لا يعتد به (١).

وهذا القول من جهة الدليل مرجوح ولا يعول عليه؛ لأن الأدلة واضحة في حجية الإجماع ولم تشترط انقراض العصر، وتقدم ذكر الأدلة، فمتى ما تحقق الإجماع صار حجة ولو تحقق لحظة لعموم الأدلة.

ويؤيد ذلك أنهم إذا اجتمعوا ولو لحظة فإن من بينهم الفرقة الناجية، وقول الفرقة الناجية حق على ما تقدم تقريره.

إذن اشتراط انقراض العصر لا دليل عليه، بل الأدلة على خلافه، وما استدل به القائلون باشتراط انقرض العصر فمردود عليهم، وإليك بيان بعضه:

١ - نسب ذلك أبو يعلى (٢) إلى الإمام أحمد وبناه على ما رواه البيهقي وغيره أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- رجع عن قوله بحرمة بيع أمهات الأولاد وقال عبيدة السلماني التابعي المعروف: «إن رأيك مع رأي عمر أحب إلي من رأيك وحدك» (٣).

فوجه الدلالة: أنه صح لعلي أن يخالف الإجماع فإنه لما اتفق قوله وقول عمر صارت المسألة إجماعًا فصح له أن يخالف ذلك؛ لأن عليًّا يرى أن الإجماع


(١) انظر في هذا: «المعتمد» لأبي الحسين (٢/ ٤١) وما بعدها، و (٢/ ٧٠)، و «العدة في أصول الفقه» لأبي يعلى (٤/ ١٠٩٥) وما بعدها، و «التمهيد في أصول الفقه» لأبي الخطاب (٣/ ٣٤٦) وما بعدها، و «الإحكام» للآمدي (١/ ٢٥٦ - ٢٦١)، و «المحصول» للرازي (٤/ ١٤٧)، و «البحر المحيط» للزركشي (٦/ ٤٧٨) وغيرها.
(٢) انظر: «العدة في أصول الفقه» لأبي يعلى (٤/ ١٠٩٥).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (١٣٢٢٤)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (٦/ ٤٣٦)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٠/ ٣٤٣، و ٤٣٨)، وابن عبد البر في «بيان جامع العلم وفضله» (١٦١٦) وغيرهم، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٥/ ٤١٦).

<<  <   >  >>