وهذه التأصيل سواءً بعبارة السنة أو الحديث أو الخبر ... إلخ، هو في ظاهره يدل على أن الدليل حجة في نفسه ولا يحتاج أن يعمل به أحد حتى يحتج به.
وكشف هذه الشبهة من أوجه:
الوجه الأول: أن نحوًا من هذا الكلام قد قرره الإمام الشافعي رحمه الله، فقد ذكر في كتابه «الرسالة» ما يتعلق بحكم الحاكم (ولي الأمر) ثم ذكر مسألة تتعلق بما نحن بصدده، فقال رحمه الله تعالى:
«لما كان معروفاً والله أعلم عند عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في اليد بخمسين وكانت اليد خمسة أطراف مختلفة الجمال والمنافع نزلها منازلها فحكم لكل واحد من الأطراف بقدره من دية الكف فهذا قياس على الخبر.
فلما وجدنا كتاب آل عمرو بن حزم فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي كل أصبع مما هنالك عشرة من الإبل صاروا إليه ولم يقبلوا كتاب آل عمرو بن حزم والله أعلم حتى يثبت لهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الحديث دلالتان أحدهما قبول الخبر وهذا لا إشكال فيه، والآخر أن يقبل الخبر في الوقت الذي يثبت فيه وإن لم يمض عمل من الأئمة بمثل الخبر الذي قبلوا» (١).
فهو يريد بالأئمة الحكام الذين يحكمون في أمثال هذه المسائل.
ثم قال: «ودلالة على أنه مضى أيضًا عمل من أحد من الأئمة ثم وجد خبراً عن النبي صلى الله عليه وسلم يخالف عمله لترك عمله لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم -وأيضًا هذا شاهد قوي