للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على هذه الشبهة المذكورة- ودلالة على أن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يثبت بنفسه لا بعمل غيره بعده ... » (١).

إذن الوجه الأول: سياق كلام الشافعي رحمه الله يتعلق بالحاكم إذا حكم بالقضايا فإنه لا يتكلم عن جميع العلماء وإنما يتكلم عن حكم حاكم، حكم عمر بحكم فحكم قبله أو من بعده من الحكام بحكم فهو لا يتكلم عن إجماع العلماء على ترك العمل بالخبر وإنما يتكلم عن حكم حاكم حكم بخبر قد يكون هناك من يوافق أو من يخالف، لكنه قطعاً يخالف حاكماً قبله أو لا يعلم أن حاكماً قبله حكم بهذا، وهذا لا يعني أنه لا يوجد أحدٌ من أهل العلم يقول بهذا القول.

الوجه الثاني: أن الشافعي رحمه الله تعالى يقرر أنه يصح نسخ الخبر بالإجماع فإذا أجمع العلماء على أن هذا الخبر منسوخ فإنه يترك النص إلى الإجماع.

قال الزركشي في «البحر المحيط»: «إجماع الصحابة كنسخ رمضان صوم يوم عاشوراء، ونسخ الزكاة سائر الحقوق في المال، ذكره ابن السمعاني أيضًا، وكذا حديث: «من غل صدقته فإنا آخذوها وشطر ماله» (٢)، واتفق الصحابة على ترك استعمالهم هذا فدل عدولهم عنه على نسخه.

وقد نص الشافعي على ذلك أيضًا فيما نقله البيهقي في المدخل فقال: ولا يستدل على الناسخ والمنسوخ إلا بخبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم آخر مؤقت يدل على أن أحدهما بعد الآخر أو بقول من سمع الحديث أو العامة - يعني إجماع أهل العلم -» (٣).

ثم استطرد الزركشي في بيان كلام العلماء.


(١) انظر: «الرسالة» للشافعي (ص:٤٢٠).
(٢) أخرجه أحمد (٢٠٠٤١)، والدارمي (١٧١٩)، وأبو داود (١٥٧٥)، والنسائي (٥/ ١٥)، وحسنه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (١٥٧٥) طبعة المعارف.
(٣) انظر: «البحر المحيط» للزركشي (٥/ ٣١٩).

<<  <   >  >>