وكشف هذه الشبهة: أن هناك فرقا بين تأصيل العالم وعمله، فقد يَظنُ التابعي أن له سلفاً من الصحابة وبناءً على هذا أحدث قولاً جديداً، وقد لا يكون التابعي يعلم أن هناك صحابياً خالفه فقال باجتهاده، فلا يلزم من أن التابعي إذا خالف الصحابي أن يكون ممن يرى جواز إحداث قول جديد.
* * *
الشبهة الثالثة والعشرون
قال بعضهم: يعمل بالإجماع وعدم العلم بالمخالف ولا إشكال في ذلك، وإنما الإشكال في جزئية واحدة وهي إذا عارض دليلًا من كتاب وسنة فيقدم الكتاب والسنة على هذا الإجماع، وقطعاً هذا لا يكون في الإجماع القطعي وإنما يكون في الإجماع الظني.
وكشف هذه الشبهة من أوجه:
الوجه الأول: أنه إذا أقر بأن الإجماع حجة فإذن ينبغي أن يتعامل مع النص والإجماع بأنهما حجتان تعارضا فالجمع بينهما أولى من إلغاء أحدهما، والإجماع قاطع في دلالته والنص لا يلزم أن يكون كذلك حتى لو ظن ذلك المجتهد.
أما الإجماع لأنه قاطع فتقدّم دلالة الإجماع إما بتخصيص عام أو تقييد مطلق أو تبين مجمل أو الإجماع على ترك النص لأنه منسوخ.
الوجه الثاني: إذا أجمع العلماء على أن هذا النص منسوخ ينبغي أن يعلم أن الناسخ ليس الإجماع في نفسه وإنما ما استند عليه الإجماع وهو النص الآخر، فحقيقة الأمر إذا اختلف إجماع مع نص فالخلاف بين نصين إلا أن دليل الإجماع فيه مزية زيادة على كونه مستندًا على نص أنه قطعي في دلالته.
الوجه الثالث: لو التُزم هذا التأصيل وهو أن الإجماع حجة إلا إذا عارض