للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإمام الشافعي، وابن حزم قد نسبها إلى كتاب «الرسالة»، وهي ليست موجودة في كتاب «الرسالة» الذي بين أيدينا، بل إنني لم أر الشافعية ينقلون هذا القول وينسبونه إلى الشافعي، وإنما رأيت الزركشي في «البحر المحيط» (١) نقل هذا القول ونسبه إلى ابن حزم، ومن بعد ابن حزم إذا نقل هذه الكلمة عن الشافعي إما أنه يذكر الواسطة وهو ابن حزم، أو يأتي بنص عبارة ابن حزم، فالعمدة في نقل هذا القول هو ابن حزم، ومن البعيد للغاية أن يكون هذا النص للإمام الشافعي رحمه الله تعالى ويغفل عنه أهل العلم، والشافعي له منزلته الكبيرة عند العلماء وله أصحابه الذين نصروا أقواله ومذهبه، فلو كانت المقولة ثابتة عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى لرأيت أصحابه يتواردون عليها، بل لرأيت العلماء يذكرون مثل هذه المقالة؛ لأن للشافعي رحمه الله تعالى مكانته العظيمة عند العلماء.

الوجه الثاني: أن الإمام الشافعي رحمه الله نفسه قد احتج في مسائل غير قليلة بنفي الخلاف، فقال رحمه الله تعالى في كتاب «الأم»: «ولا أعلم اختلافا في أن ليس في الذهب صدقة حتى يبلغ عشرين مثقالاً فإذا بلغت عشرين مثقالاً ففيها الزكاة» (٢).

وقال أيضًا: «والعاقلة في الحر والعبد مالا أعلم فيه خلافا» (٣).

وقال في كتابه «اختلاف الحديث»: «لأن الكتاب ثم السنة ثم مالا أعلم فيه خلافاً يدل على أن المتمتع بالعمرة إلى الحج ... إلخ» (٤).

وقال أيضًا في كتابه «الأم»: «قال عن الحسن عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنكح الوليان فالأول أحق - ... إلخ ثم مما ذكر الشافعي رحمه الله تعالى أنه قال - فنكاح الأول


(١) انظر: «البحر المحيط» للزركشي (٦/ ٤٨٨).
(٢) انظر: «الأم» للشافعي (٢/ ٤٣).
(٣) انظر: «الأم» للشافعي (٣/ ٢٦٢).
(٤) انظر: «اختلاف الحديث» للشافعي (٨/ ٦٧٩).

<<  <   >  >>