وزعموا أن ذلك لا يجوز في النثر، وهو زعم فاسد، لأن ما نفوه أثبته غيرهم قال الحافظ السيوطي في جمع الجوامع له: مسئلة لا يفصل بين المتضايفين اختيارا إلا بمفعوله وظرفه على الصحيح، وجوّزه الكوفيون مطلقا قال في شرحه همع الهوامع تبعا لابن مالك وغيره وحسنه كون الفاصل فضلة فإنه يصلح بذلك لعدم الاعتداد وكونه غير أجنبي من المضاف أي لأنه معموله، ومقدار التأخير أي لأن المضاف إليه فاعل في المعنى انتهى مع زيادة شيء للإيضاح والمثبت مقدم على النافي لا سيما في لغة العرب لاتساعها وكثرة التكلم بها روى عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال كان الشعر علم قوم فلما جاء الإسلام اشتغلوا عنه بالجهاد والغزو، فلما تمهدت الأمصار هلك من هلك راجعوه فوجدوا أقله وذهب عنهم أكثره وروى عن أبي عمرو بن العلاء قال: ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا أقله ولو جاءكم وافر لجاءكم علم وشعر كثير، قال أبو الفتح بن جني في خصائصه بعد أن نقل هذا: فإذا كان الأمر كذلك لم يقطع على الفصيح يسمع منه ما يخالف الجمهور بالخطإ انتهى، وأشدهم عليه الزمخشري ونصه، وأما قراءة ابن عامر فشيء لو كان في مكان الضرورة وهو الشعر لكان سمحا مردودا كما رد زجّ القلوص أبي مزادة فكيف به في الكلام المنثور فكيف به في القرآن المعجز بحسن نظمه وجزالته، والذي حمله على ذلك أنه رأى في بعض المصاحف شركائهم مكتوبا بالياء ولو قرأ بجر الأولاد والشركاء لأن الأولاد شركاؤهم في أموالهم لوجد في ذلك مندوحة عن هذا الارتكاب انتهى.
فانظر رحمك الله إلى هذا الكلام ما أبشعه وأسمجه وأقبحه وما اشتمل عليه من الغلظة والفظاظة وسوء الأدب، فحكم على قراءة متواترة تلقاها سيد من سادات التابعين عن أعيان الصحابة وهم تلقوها من أفصح الفصحاء، وأبلغ البلغاء سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- بالرد والسماجة ولا جراءة أعظم من هذه الجراءة والحامل له