للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويكفي في فضله وجلالته أن أفضل الخلفاء بعد الصحابة المجمع على ورعه وفضله وعدالته وهو عمر بن عبد العزيز جمع له بين الإمامة والقضاء ومشيخة الإقراء بمسجد دمشق أحد عجائب الدنيا وهي يومئذ دار الملك والخلافة ومعدن للتابعين ومحل محط رجال العلماء من كل قطر وأعظم من هذا كله إجماع الصحابة على كتب شركائهم في مصحف الشام بالياء، وقد نقل غير واحد من الثقات المتقدمين والمتأخرين أنهم رأوه فيه كذلك.

بل نقل العلامة القسطلاني عن بعض الثقات أنه رآه في مصحف الحجاز كذلك.

فإن قلت: لو كان في مصحف الحجاز أنه قرأ كقراءة الشامي.

قلت: لا يلزم موافقة التلاوة للرسم لأن الرسم سنة متبعة قد توافقه التلاوة، وقد لا توافقه.

انظر كيف كتبوا وجاء بالألف قبل الياء ولا أذبحنه ولا أوضعوا بألف بعد لا ومثل هذا كثير، والقراءة بخلاف ما رسم، ولذلك حكم وأسرار تدل على كثرة علم الصحابة ودقة نظرهم مطلب من مظانها. سمعت شيخنا رحمه الله تعالى يقول: لو لم يكن للصحابة رضي الله عنهم من الفضائل إلا رسمهم المصحف لكان ذلك كافيا.

وقوله: والذي حمله على ذلك إلى آخره يقتضي أن هذا السيد الجليل يقلد في قراءته المصحف، ولو لم يثبت عنده بذلك رواية. وحاشاه من ذلك فإن هذا لا يستحله مسلم فضلا عن سيد من سادات التابعين، لأنه خرق للإجماع.

قال الشيخ العارف بالله سيدي محمد بن الحاج في المدخل: لا يجوز لأحد أن يقرأ بما في المصحف إلا بعد أن يتعلم القراءة على وجهها أو يتعلم مرسوم المصحف، وما يخالف منه القراءة فإن فعل غير ذلك فقد خالف ما أجمعت عليه الأمة.

<<  <   >  >>