للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخطاب من المرأة ليوسف، ولم يتهيأ لها بدليل قوله: وراودته، وتبعه على ذلك خلق كثير.

قال أبو محمد مكي في كتابه الكشف: وقرأ هشام بالهمز وفتح التاء، وهو وهم عند النحويين لأن فتح التاء للخطاب ليوسف عليه السلام، فيجب أن يكون اللفظ وقالت هئت لي أي تهيأت لي يا يوسف، ولم يقرأ بذلك أحد، وأيضا فإن المعنى على خلافه فإنه نفر منها، وتباعد عنها، وهي تراوده وتطلبه وتقدّ قميصه فكيف تخبره عن نفسه أنه تهيأ لها هذا ضد حاله.

وقد قال يوسف عليه السلام: ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب، وهو الصادق في ذلك فلو كان تهيأ لها لم يقل هذا ولا ادعاه انتهى.

وذكر مثله في تفسير مشكل الإعراب. قلت: وما نسبه للحلواني من الوهم هم أحق به لأنه إمام ثقة ضابط من كبار الحذاق المجوّدين كما وصفه بذلك أهل الطبقات خصوصا فيما رواه عن هشام وقالون على أنه لم ينفرد به بل رواه الوليد بن مسلم عن الشامي ويحتمل من التأويل وجوها منها ما ذكره أبو عبد الله محمد الفاسي ونقله المحقق وارتضاه أن المعنى تهيأ لي أمرك، لأنها ما كانت تقدر على الخلوة به في كل وقت، أو حسنت هيئتك ولك على الوجهين بيان أي لك أقول انتهى.

وقوله حسنت هو فعل ماض قاصر مضموم العين والتاء ساكنة للتأنيث، وهيئتك فاعل أي تهيأت للمراودة بما جعل الله فيك من الجمال الفائق والحسن الرائق والعفة الكاملة والإعراض الكلي عن كل ما سوى الله تعالى، وذلك من أعظم أسباب المراودة، وتكون الآية أعظم الثناء على يوسف عليه السلام، ولا يصح أن يكون بتثقيل السين والتاء فاعله، وهيئتك مفعول، لأن اللازم يصير متعدّيا بالتثقيل لأنه يصير معناه حسنت هيئتك بما هو داخل تحت كسبك عادة كلبس الثياب الجميلة ومس الطيبة، وإزالة ما يستنكر وينفر عادة، وهذا كلام يلام فاعله إن علم أنه يترتب عليه ما لا

<<  <   >  >>