جرى عمل كثير من الناس على ابتداء الختم من الكوثر وهذا لا حرج فيه وإنما الحرج في أمور يفعلها حال الختم بعض من لا ينظر في خلاص نفسه لا يشك ذو بصيرة أنها لم يقصد بها وجه الله تعالى وذلك أنهم يرسلون طلبتهم ومعارفهم يدعون الناس إلى حضور ختمهم ومن لم يجب داعيهم وجدوا عليه ويعظم فرحهم إن كثر الناس لا سيما إن كانوا من الأكابر وأصحاب المناصب والأغنياء ويطرقون رءوسهم ويخفضون أصواتهم ويمنعون جوارحهم من الحركة ولو طال بها المجلس ولم يكونوا يفعلون مثل ذلك قبل لرؤية الله الملك الخالق الرازق العظيم المتعالى، ويأمرون الطالب الذي يقرأ عليهم بالنظر المرة بعد المرة وربما اجتمعوا معه في محل غير محل القراءة وقرأ عليهم المرة بعد المرة ويأمرونه بالتثبت التام كل ذلك خوفا من الغلط بحضرة الناس وربما أقرءوه بالوجوه الجائزة في الوقف لما فيه من الإغراب على الحاضرين، وربما أخروا القراءة عن وقتها المعتاد حتى يحضر فلان وفلان وغير ذلك من الأغراض وفي هذا من سوء الأدب مع الله وعدم الاهتمام بنظره ما لا يخفى.
وإذا كان هذا التصنع ومتابعة هوى النفس وتحصيل غرض الشيطان حصل عند الختم فما فائدة زواجر القرآن وتشديداته التي مرت عليه وقد مات من سماعها خلق كثير ويكفينا في قبيح هذا أنه أمر محدث ولم يكن من فعل من مضى قال الشيخ الجليل الصالح العارف المفاض عليه بحور من العلوم والمعارف سيدي عبد الوهاب الشعراني في كتابه «البحر المورود في المواثيق والعهود»: أخذ علينا العهد أن لا نجيب قط من دعانا إلى المحافل التي يحضر فيها الأكابر حتى ختم الدروس التي أحدثها الناس في الجامع الأزهر وغيره، لما هي محتفة به القرائن التي يشهد غالب الحاضرين أن جميعها ما أريد بها