للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التاسع: من أهل ِ الحديثِ من لا يُفرِدُ نوعَ الحسَنِ ويجعله مندرِجًا في أنواع الصحيح؛ لاندراجِه في أنواع ِ ما يُحْتَجُّ به. وهو الظاهرُ من كلام " الحاكم أبي عبدالله


= " هذا حديث حسَنٌ [صحيح] غريب من هذا الوجه، يستَغرب من حديث خالد " (١).
وأما ما ذكر ابن الصلاح أخيرًا ففيه نظر؛ لقول ِ " الترمذي " ذلك في أحاديث مرويَّةٍ في صفةِ جهنم، والحدود والقصاص، ونحو ذلك. وأيضًا فالأحاديثُ الموضوعةُ فيها، لا يحل إطلاقُ الحسنِ عليها. والانفصالُ عنه أن يُقالَ: ولو كان في الأمورِ المذكورةِ، كان حسَنًا باعتبارِ ما فيه من الوعيدِ والزجرِ بالأساليبِ البديعةِ. وأما الموضوعُ فلا يَرِدُ؛ لأن الكلامَ فيما بين الصحةِ والحُسنِ، وهو غيرُ داخل ٍ، وأجاب " الشيخ أبو الفتح القشيري ": أن قصورَ الحسَنِ عن الصحيح، إنما يجيء إذا اقتصر على الحَسَنِ، أما إذا جَمع بينهما فلا قصورَ حينئذ. وبيانُ ذلك أن للرواة صفاتٍ تقتضي قبولَ روايتهم، وتلك الصفاتُ متفاوتةٌ: كالتيقظ والحفظِ والإِتقان مثلا، ودونَها الصدقُ وعدمُ التهمةِ بالكذب. فوجودُ الدرجةِ الدنيا كالصدقِ مثلا، لا ينافيه وجودُ ما هو أعلى منه كالحفظِ والإِتقان، وكذلك إذا وُجِدَت الدرجة العليا، لم يناف ذلك وجودَ الدنيا مع الصدقِ، فصحَّ أن يقال: حَسَنٌ باعتبارِ الصفةِ الدنيا، صحيحٌ باعتبارِ الصفةِ العليا. ويلزمُ على هذا أن يكونَ كلُّ صحيح حسَنًا، ويلتزمُه ويؤيده ورودُ قول ِ المتقدمين: هذا حديثٌ حسن، في الأحاديث الصحيحة. انتهى كلامُ القشيري. (٢) وقيل: الجمعُ بين الحُسْنِ والصحةِ رتبةٌ متوسطةٌ بين الحسنِ المجرَّد والصحيح ِ. فأعلاها ما تمحَّض فيه وصفُ الصحة. وأدناها ما تمحَّض فيه وصفُ الحسن، وأوسطُها ما جمع بينهما، وفيه نظر. انتهت " ١٠ / ظ.

<<  <   >  >>