للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقبولِه بتوبة تظهرُ. ومَنْ ضعَّفنا نقلَه لم نجعله قويًّا بعد ذلك "، وذكر أن ذلك مما افترقتْ فيه الرواية والشهادةُ (١).

وذكر الإمام " أبو المظفر السمعاني المروزي ": " أن من كذب في خبرٍ واحدٍ وجب


(١) طرّة في ورقة ملصقة بنسخة (غ) بخط ابن الفاسي:
[قال " القاضي عياض " في (الإكمال): اعلم أن الشهادة والخبر يجتمعان عندنا في خمسة أحوال، ويفترقان في خمسة أحوال. فالخمسة الجامعة لها: العقل، والبلوغ، والإِسلام، وضبط الخبر أو الشهادة حين السماع والأداء. فمتى اختل وصف من هذه الأوصاف في أحد؛ لم يقبل خبره، ولا شهادته. وأما الخمسة التي يفترقان فيها: فالحرية، والذكورية، والعدد، ومراعاة الأهلية، والعداوة. فخبر العبد مقبول، وإن لم تقبل شهادته عندنا، وكذلك خبر الواحد والمرأة مقبول، ولا تقبل شهادتهما مجردة، إلا في مواضع مستثناة، وبشرائط معلومة. وخبر الرجل وروايته فيما ينفع به خاص أهله أو يضرّ به عدوه مقبول. ولهذا لا يعذر في مكشفي ومجرحي السر. وكذلك تجوز رواية الابن عن أبيه وأمه، وروايتهما عنه، وإن لم يجزه بعض العلماء في نقل الشهادة. وفي مذهبنا فيها وجهان؛ لأن الرواية والخبر يعم ولا يخص شخصًا دون شخص، والشهادة خاصة. ولهذا نعمل الشهادة كيف كانت ولا نردها بظنة منفعة ولا عداوة، كالشهادة على العدو من أهل الكفر، وعلى الأمور العامة للمسلمين في سككهم ومرافقهم، وإن كان الشاهد واحدًا منهم. وشرط " الشافعي ": البصر في الشهادة دون الخبر، ولا حجة له في ذلك قائمة. وشرط بعض الأصوليين: البلوغ حين السماع، والإِجماع يخالفه، وشرط " الجبائي " وبعض القدرية: العدد؛ فلا بد عنده من اثنين عن اثنين في الخبر كالشهادة. وعند الآخرين: أربع عن أربع في كل خبر، وهذا مما يتعذر ولا يفيد معنى في باب الفعل. وأسقط " أبو حنيفة " شرط العدالة ورأى أن مجرد الإِسلام عدالة في الشهادة والخبر لمن لم يُعلَم فسقه وجُهِلَ أمره. ورأى بعض أهل الحديث أن رواية رجلين عمن روى عنه يخرجه عند حد الجهالة، وإن لم تعرف حاله. والصواب أن الجهالة لا ترتفع عنه بروايتهما، حتى يعرف حاله وتتحقق عدالته، وإن جهل نسبه. والله أعلم. " ذكر هذه الفوائد في أول شرح خطبة مسلم قبل تفسيره: " من كذب علي متعمدًا ... " الحديث. قال " القرافي " في (قواعده): قال الإِمام المازري في (شرح البرهان): الشهادة والرواية خبران، على أن المخبر عنه إن كان أمرًا عامًّا لا يختص بمعين فهو الرواية، كقوله عليه السلام: " الأعمال بالنيات " أو " الشفعة فيما لم يقسم " لا يختص بشخص معين بل ذلك على جميع الخلق في جميع الأعصار والأمصار، بخلاف قول العدل عند الحاكم: " لهذا عند هذا دينار " إلزام لمعين لا يتعداه لغيره، فهذا هو الشهادة المحضة، والأول هو الرواية المحضة]. ومعها، على هامش (غ) أيضًا:
[قال النووي: " كل هذا مخالف لقاعدة مذهبنا ومذهب غيرنا، ولا يقوى الفرق بينه وبين الشهادة " [ووجدت بخط شيخنا: قد قال " مالك " في شاهد الزور: إذا ثبتت عليه شهادة الزور لا تسمع له شهادة بعد ذلك، تاب أم لا، وعند الشافعي والحنفي: لو ردت شهادته لفسق، ثم حسنت حالته، لا تسمع إعادتها لما يلحقه من التهمة في تصديق نفسه، ولا يبعد أن يخفى مثله هنا؛ لأن الرواية كلها كنوع من الشهادة. وقال " أبو حنيفة ": إذا ردت شهادة أحد الزوجين للآخر ثم بانت، لا نسمعها؛ للتهمة].
وانظر تقريب النووي ١/ ٣٣٠ وكفاية الخطيب باب ما جاء في الأخذ عن أهل البدع (١٢٠ - ١٣٢).

<<  <   >  >>