للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إسقاط ما تقدم من حديثه * " وهذا يُضاهي من حيث المعنى ما ذكره " الصيرفي ". والله أعلم.

الحادية عشرة: إذا روى ثقةٌ حديثًا وروجع المروِيُّ عنه فَنَفاه، فالمختارُ أنه إن كان جازمًا بنفيِه بأن قال: ما روَّيته، أو: كذب عليَّ، أو نحو ذلك؛ فقد تعارض الجَزْمان، والجاحِد هو الأصلُ فوجَبَ ردُّ حديثِ فرعِه ذلك **، ثم لا يكونُ ذلك جرحًا له يوجبُ ردَّ باقي حديثه؛ لأنه مكذِّبٌ لشيخِه أيضًا في ذلك، وليس قبولُ جرح ِ شيخِه له، بأوْلى من قبول ِ جرحِه لشيخه، فتساقطا.

أما إذا قال المرويُّ عنه: لا أعرفه، أو: لا أذكره، أو نحو ذلك، فذلك لا يوجِبُّ ردَّ رواية الراوي عنه. ومن روَى حديثًا ثم نسيَه؛ لم يكن ذلك مسقِطًا للعمل به عند جمهور أهل ِ الحديث وجمهورِ الفقهاء والمتكلمين، خلافًا لقوم من أصحاب " أبي حنيفة " صاروا


* المحاسن:
" فائدة: وما نَقَل عن " الصيرفي " يقرب منه ما قال " ابنُ حزم ": " من أسقطنا حديثه لم نعد لقبوله أبدًا، ومن احتججنا به لم نُسقِط روايته أبدا ". وكذا قاله " ابن حبان " في آخرين. قال النووي: وكل هذا مخالف لقاعدة مذهبنا ومذهب غيرنا. ولا يقوى الفرق بينه وبين الشهادة. انتهت " ٤٤ / ظ.
انظر تقريب النووي (١/ ٣٣٠) والأحكام لابن حزم (١/ ١٣١).

** المحاسن:
" فائدة: وقد يعارض هذا أن المثبتَ مُقدَّمٌ على النافي، ولما كان النافي هنا نَفَى ما يتعلق به في أمرٍ يقرُب من المحصور بمقتضى الغالب؛ اقتضى أن يرجح النافي. وكذلك في الشهادة، وفي القاضي إذا شهد عليه الشهودُ بحكم فأنكر حُكمَه، خلافًا لمالك ومحمد بن الحسن وغيرهما في صورة القاضي، وهو الأقربُ لتعلق حقِّ الغير، لا سيما مع الانتشار وكثرة الأحكام. انتهت " ٤٤ / ظ ثم:
" فائدة: والحاكم إذا لم ينكر حكمهم بل توقف، ففي قبول شهادة الشهود لحكمه وجهان عند " الشافعي ": أوقفهما لقول الأكثرين قبولُ الشهادة بحكمه، وقد أجراهما بعض المتأخرين في الشهادة على الشهادة، إذا ظهر توقف الأصل. انتهت ".

<<  <   >  >>