للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آخرنا، أو نصيب ما نريد منكم؛ هذا ديننا الذي ندين الله به، ولا يجوز لنا فيما بيننا وبينه غيره، فانظروا لأنفسكم.

فقال له المقوقس: هذا مما لا يكون أبدًا، ما تريدون إلا أن تأخذوا لكم عبيدًا ما كانت الدنيا.

فقال له عبادة: هو ذاك، فاختر ما شئت.

فقال له المقوقس: أفلا تجيبونا إلى خصلة غير هذه الخصال الثلاث؟

فرفع عبادة يديه، وقال: لا ورب السماء ورب هذه الأرض ورب كل شيء، ما لكم عندنا خصلة غيرها، فاختاروا لأنفسكم.

فالتفت المقوقس عند ذلك إلى أصحابه، فقال: قد فرغ القول فما ترون؟ فقالوا: أويرضى أحد بهذا الذل! أما ما أرادوا من دخولنا في دينهم؛ فهذا لا يكون أبدًا، ولا نترك دين المسيح ابن مريم وندخل في دين لا نعرفه، وأما ما أرادوا

من أن يسبونا ويجعلونا عبيدًا أبدًا، فالموت أيسر من ذلك؛ لو رضوا منا أن نُضعف لهم ما أعطيناهم مرارًا، كان أهون علينا.

فقال المقوقس لعبادة: قد أبى القوم، فما ترى؟ فراجع صاحبك، على أن نعطيكم في مرتكم هذه ما تمنيتم وتنصرفون.

فقام عبادة وأصحابه، فقال المقوقس لمن حوله عند ذلك: أطيعوني، وأجيبوا القوم إلى خصلة من هذه الثلاث، فوالله ما لكم بهم طاقة، وإن لم تجيبوا إليها طائعين لتجيبنهم إلى ما هو أعظم منها كارهين.

فقالوا: أي خصلة نجيبهم إليها؟ قال: إذًا أُخبركم ... أما دخولكم في غير دينكم، فلا آمركم به؛ وأما قتالهم فأنا أعلم أنكم لن تقدروا عليهم، ولن تصبروا