القضاء الأكبر فامتنع. وولي تدريس الفقه بالمؤيدية والبرقوقية، وقرأ عليه جماعة، وكان قليل الإقراء، يغلب عليه الملل والسآمة. وكان سمع الحديث من الشرف ابن الكويك، وحدث. وكان متقشفًا في ملبوسه ومركوبه، ويتكسب بالتجارة، وألف كتبًا تشد إليها الرّحال؛ في غاية الاختصار والتحرير والتنقيح، وسلامة العبارة وحسن المزج، والحل بدفع الإيراد؛ وقد أقبل عليها الناس وتلقوها بالقبول، وتداولوها؛ منها شرح جمع الجوامع في الأصول، وشرح بردة المديح، ومناسك؛ وكتاب في الجهاد؛ ومنها أشياء لم تكمل؛ كشرح القواعد لابن هشام، وشرح التسهيل؛ كتب منه قليلًا جدًّا، وحاشية على شرح جامع المختصرات، وحاشية على جواهر الإسنوي، وشرح الشمسية في المنطق، ومختصر التنبيه، كتب منه ورقة. وأجل كتبه التي لم تكمل تفسير القرآن، كتب منه أول الكهف إلى آخر القرآن في أربعة عشر كراسًا؛ في قطع نصف البلدي، وهو ممزوج محرر في غاية الحسن؛ وكتب على الفاتحة وآيات يسيرة من البقرة، وقد أكملته بتكملة على نمطه من أول البقرة إلى آخر الإسراء. توفي في أول يوم من سنة أربع وستين وثمانمائة (١) .
٢٠١- البلقيني شيخنا قاضي القضاة علم الدين صالح بن شيخ الإسلام سراج الدين، حامل لواء مذهب الشافعي في عصره؛ ولد سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وأخذ الفقه عن والده وأخيه، والنحو عن الشطنوفي والأصول عن العز ابن جماعة، وسمع على أبيه جزء الجمعة وختم الدلائل وغير ذلك؛ وعلى الشهاب ابن حجي جزء ابن نجيد، وحضر عند الحافظ أبي الفضل العراقي في الإملاء، وتولى مشيخة الخشابية، والتفسير بالبرقوقية بعد أخيه؛ وتدريس الشريفية بعد الفمني، والحديث بمدرسة قايتباي. وتولى القضاء الأكبر سنة ست وعشرين، بعزل الشيخ ولي الدين، وتكرر عزله وإعادته؛ وتفرد