لاسمه؛ فكان يفعل ذلك في سائر ممالكه حتى في الحرمين الشريفين. وكان أهل مصر على الخصوص إذا قاموا خروا سجدًا؛ حتى إنه يسجد بسجودهم في الأسواق الرعاع وغيرهم. وكان جبارًا عنيدًا، وشيطانًا مريدًا، كثير التلون في أقواله وأفعاله، هدم كنائس مصر ثم أعادها، وخرب قمامة ثم أعادها، ولم يعهد في ملة الإسلام بناء كنيسة في بلد الإسلام قبله ولا بعده إلا ما سنذكره.
وقد نقل السبكي الإجماع على أن الكنيسة إذا هدمت ولو بغير وجه لا تجوز إعادتها.
ومن قبائح الحاكم أنه ابتنى المدارس، وجعل فيها الفقهاء والمشايخ، ثم قتلهم وخربها، وألزم الناس بإغلاق الأسواق نهارًا وفتحها ليلًا؛ فامتثلوا ذلك دهرًا طويلًا حتى اجتاز مرة بشيخ يعمل النجارة في أثناء النهار، فوقف عليه، وقال: ألم ننهكم عن هذا! فقال: يا سيدي، أما كان الناس يسهرون لما كانوا يتعيشون بالنهار! فهذا من جملة السهر. فتبسم وتركه، وأعاد الناس إلى أمرهم الأول. وكان يعمل الحسبة بنفسه يدور في الأسواق على حمار له، وكان لا يركب إلا حمارًا، فمن وجده قد غش في معيشته أمر عبدًا أسود معه يقال له مسعود أن يفعل به الفاحشة العظمى، وكان منع النساء من الخروج من منازلهن، وأن يطلعن من الطاقات أو الأسطحة، ومنع الخفافين من عمل الأخفاف لهن، ومنعهن من دخول الحمامات، وقتل خلقًا من النساء على مخالفته في ذلك، وهدم بعض الحمامات عليهن، ومنع من طبخ الملوخيا. وله رعونات كثيرة لا تنضبط، فأبغضه الخلق، وكتبوا له الأوراق بالشتم له ولأسلافه في صورة قصص، حتى عملوا صورة امرأة من ورق بخفها وإزارها، وفي يدها قصة فيها من الشتم شيء كثير، فلما رآها ظنها امرأة، فذهب من ناحيتها وأخذ القصة من يدها، فلما رأى ما فيها غضب، وأمر بقتلها؛ فلما تحققها من ورق، ازداد غضبًا إلى غضبه، وأمر العبيد من السود أن