وقال سيف الدين علي بن عمر بن قذل المشد في هذه النار:
ألا سلما عني على خير مرسل ... ومن فضله كالسيل ينحط من عل
واشرف من شدت إليه رحالنا ... لتورد هيم الشوق أعذب منهل
تحملن منا كل أشعث أغبر ... فيا عجبا من رحلها المتحمل!
إلى سيد جاءت بعالي محله ... ومعجزه آي الكتاب المنزل
نبي هدانا للهدى بأدلة ... فهمنا معانيها بحسن التأول
محمد المبعوث والغي مظلم ... فأصبح وجه الرشد مثل السجنجل
وقولا له: إني إليك لشيق ... عسى الله يدني من محلك محملي
فتخمد أشواقي وتسكن لوعتي ... وأصبح عن كل الغرام بمعزل
ولما نفى عني الكرى خبر التي ... أضاءت بإذن ثم رضوى ويذبل
ولاح سناها من جبال قريظة ... لسكان تيما فاللوى فالعقنقل
وأخبرت عنها في زمانك منذرًا ... بيوم عبوس قمطرير مطول
فقلت كلاما لا يدين لقائل ... سواك ولا يستطيعه رب مقول
ستظهر نار بالحجاز مضيئة ... كأعناق عيس نحو بصرى لمخيل
فكانت كما قد قلت حقا بلا مرى ... صدقت وكم كذبت كل معطل
لها شرر كالبرق لكن شهيقها ... فكالرعد عند السامع المتأمل
وأصبح وجه الشمس كالليل كاسفًا ... وبدر الدجى في ظلمة ليس تنجلي
وغابت نجوم الجو قبل غروبها ... وكدرها دور الدخان المسلسل
وهبت سموم كالحميم فأذبلت ... من الباسقات الشم كل مذلل
وأبدت من الآيات كل عجيبة ... وزلزلت الأرضون أي تزلزل
وأيقن كل الناس أن عذابهم ... تعجل في الدنيا بغير تمهل