للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحمده على نعمه التي هي على عبده منهاله، وأشكره شكرًا أستزيد به نعمه وإفضاله. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة امرئ أخلص بها نيته ومقاله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المخصوص بعموم الرسالة، والمبعوث بأوضح حجة ودلالة، والصادق الأمين الذي أخلص لله أقواله وأفعاله؛ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي الصدر والأصالة، والمفاخرة الباهرة والجلالة، وسلم تسليما كثيرًا. ورضي الله عن أول الخلفاء بعد نبينا محمد المصطفى الذي صحبه بوفاء شيخ الوقار، ومعدن الجود والافتخار، وأنيس سيد المرسلين في الغار، ذي الكرم العريق، والرأي الوثيق، والإخلاص والتصديق. السابق للنبوة، والرسالة بالتصديق، المكنى بعتيق؛ هو الإمام أبو بكر الصديق. وعن عمي نبيه حمزة والعباس، المطهرين من الدنس والأرجاس.

وبعد، فالخلافة أشرف ملابس أهل الديانة، وأزهى حلل الصيانة، وهي أصل كل سيادة يتوصل إليها، ورياسة جل الاعتماد عليها؛ إذ هي أجل المناصب وأنماها، وأشرفها وأربعها وأسناها، وانفسها وأعلاها وأغلاها، ومن لوازمها ألا

يؤتى تقليدها إلا من اتصف بصفاتها المرضية، وتحلى بحلالها المرعية، ورقى بجميل سيرته إلى مراتبها العلية. ولما كان من يأتي اسمه في هذا المكتوب ممن هو حقيق بها لا محالة، وجدير بأن يبلغه حسن الظن منها آماله؛ إذ كان متصفا بصفاتها الحميدة، متقيدًا بآرائها السديدة؛ وقد لاحت عليه أثار الخلافة وظهرت، وذاعت محامده واشتهرت، وقامت الأدلة بأهليته لتقليدها، وأنه كفء لتناول طريفها وتليدها؛ استخار الله سيدنا ومولانا الإمام المعتضد بالله، المستمسك بتقواه، المراقب له في سره ونجواه، أمير المؤمنين، خليفة رب العالمين، ابن عم سيد المرسلين أبو الفتح أبو بكر بن سيدنا ومولانا المستكفي بالله أبي الربيع سليمان أمير المؤمنين، أعز الله به الدين، وأمتع ببقائه الإسلام والمسلمين، واشهد على نفسه الكريمة، وأسبغ الله عليه نعمه العميمة، إنه عهد إلى ولده لصلبه الإمام