للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالواجب أن يعمل بجزئيات أمره وكلياته، وألا يخرج أحد عن مقدماته.

والعدل، فهو الغرس المثمر، والسحاب الممطر، والروض المزهر، وبه تنزل البركات، وتخلف الهبات، وتربو الصدقات، وبه عمارة الأرض، وبه تؤدى السنة والفرض؛ فمن زرع العدل اجتنى الخير، ومن أحسن كفي الضرر والضير.

والظلم، فعاقبته وخيمة، وما يطول عمر الملك إلا بالمعدلة الرحيمة.

والرعية، هم الوديعة عند أولي الأمر، فلا يختص منهم زيد دون عمرو.

والأموال، فهي ذخائر العاقبة والمآل، فالواجب أن تؤخذ بحقها، وتنفق في مستحقها.

والجهاد برًّا وبحرًا، فمن كنانة الله يفوق سهامه، وتؤرخ أيامه، وينتضى حسامه، وتجري منشآته في البحر كالأعلام وتنشر أعلامه، وفي عقر دار الحرب يحط ركابه، ويخط كتابه، وترسل أرسانه، وتجوس خلالها فرسانه، فيلزم منه دنيا ديدنا، ويستصحب منه فعلا حسنا.

وجيوش الإسلام وكماته، وأمراؤه وحماته، فمنهم من قد علمت قدم هجرته، وعظم نصرته، وشدة بأسه، وقوة مراسه، وما منهم إلا من شهد الفتوحات والحروب، وأحسن في المحاماة عن الدين الدءوب، وهم بقايا الدول، وسجايا الملوك الأول، ولاسيما أولي السعي الناجح، والرأي الراجح، ومن له نسبة صالحية؛ فإذا فخروا بها قيل لهم: نعم السلف الصالح! فأوسعهم برًّا، وكن بهم برًّا، فهم مما يجب من خدمتك أعلم، وأنت بما يجب من حقهم أدرى.

والحصون والثغور، فهي ذخائر الشدة، وخزائن العديد والعدة، ومقاعد القتال، وكنائن الرجا والرجال؛ فأحسن لها التحصين، وفوض أمرها إلى كل قوي أمين، وإلى كل ذي دين متين، وإلى كل ذي عقل رصين.