للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بكلبندات (١) بغير شاشات، وشعورهم مضفورة دبابيق في أكياس حرير ملونة، وفي خواصرهم موضع الحوائص بنود ملونة، وأكمام أقبيتهم ضيقة وأخفافهم برغالي، ومن فوق قماشهم بحلق وإبزيم (٢) وجلواز كبير، يسع نصف ويبة أو كثر؛ فأبطل المنصور ذلك كله بأحسن منه؛ وأقام في السلطنة إلى أن توفي يوم السبت سادس ذي القعدة سنة تسع وثمانين.

وأقيم بعده ولده الملك الأشرف صلاح الدين خليل، فلما كان يوم الجمعة رابع عشر شوال سنة تسعين، سأل الشرف الخليفة الحاكم بأمر الله، أن يخطب بنفسه الناس، وأن يذكر في خطبته أنه قد ولى السلطنة الأشرف خليل بن المنصور، فلبس الخليفة خلعة سوداء، وخطب الناس بجامع القلعة، ورسم لقاضي القضاة بدر الدين بن جماعة من ثم أن يخطب بالقلعة عند السلطان، فخطب يوم الجمعة التي خطب فيها الخليفة، واستمر يخطب ويستنيب في الجامع الأزهر، ثم أمر الأشرف بقراءة ختمة عند قبر الملك المنصور في ليلة الاثنين رابع ذي القعدة، فحضرها القضاة والأمراء والأعيان، ونزل السلطان ومعه الخليفة إليهم وقت السحر، وخطب الخليفة بعد الختمة خطبة بليغة، حرض الناس فيها على غزو بلاد العراق، واستنقاذها من أيدي التتار، واستمر الأشرف في السلطنة إلى أن قتل بتروجة (٣) في ثالث المحرم سنة ثلاث وتسعين، ونقل فدفن في مدرسته التي أنشأها بالقرب من السيدة نفيسة، وقال ابن حبيب يرثيه:

تبا لأقوام لمالك رقهم ... قتلوا وما رقوا لحالة مترف

وافوه غدرا ثم صالوا جملة ... بالمشرفي على المليك الأشرف


(١) الكلبند: جزء من غطاء الرأس؛ وانظر حواشي السلوك ٤٩٤.
(٢) الإبزيم: ما يكون في رأس المنطقة وما أشبهه، وهو ذو لسان يدخل فيه الطرف الآخر.
(٣) تروجة: قرية بمصر؛ من كورة البحيرة من أعمال الإسكندرية، ذكرها ياقوت.