وأقيم أخوه ناصر الدين أبو الفتوح محمد، ولقب الملك الناصر، وعمره يومئذ تسع سنين، واستمر إلى حادي عشر المحرم سنة أربع وتسعين، فخلع.
وتسلطن زين الدين كتبغا المنصوري من سبي التتار ولقب الملك العادل، فأقام إلى صفر سنة ست وتسعين، فخلع وتسلطن حسام الدين لاجين المنصوري، وشق القاهرة، وعليه الخلعة الخليفية، والأمراء بين يديه مشاة، وجاء في تلك السنة غيث عظيم، بعد ما كان تأخر، فقال الوادعي في ذلك:
يا أيها العالم بشراكم ... بدولة المنصور رب الفخار
فالله قد بارك فيها لكم ... فأمطر الليل وأضحى النهار
إلى أن قتل ليلة الجمعة حادي عشر ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين، وأعيد الملك الناصر محمد بن قلاوون، وكان منفيًّا بالكرك، فأحضر، وقلده الخليفة يوم السبت رابع جمادى الأولى، وشق القاهرة وعليه خلعة الخليفة، والجيش مشاة بين يديه، فأقام إلى سنة ثمان وسبعمائة، فخرج في رمضان قاصدًا الحج، فاجتاز
بالكرك، فأقام بها، ثم كتب كتابا إلى الديار المصرية، يتضمن عزل نفسه عن المملكة، فأثبت ذلك على القضاة بمصر، ثم نفذ على قضاة الشام.
وأقيم في السلطنة الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير المنصوري، وذلك يوم السبت الثالث والعشرين من شوال، ورقب الملك المظفر، وقلده الخليفة، وألبسه الخلعة السوداء والعمامة المدورة، وركب بذلك وشق القاهرة، والدولة بين يديه والصاحب ضياء الدين النشائي حامل التقليد من جهة الخليفة في كيس أطلس أسود وأوله: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم.
ثم نفذ التقليد إلى الشام، فقرئ هناك، ثم عاد الملك الناصر من الكرك طالبًا عوده إلى ملكه، وبايعه على ذلك جماعة من الأمراء، فبلغ ذلك المظفر بيبرس، فاستدعى بالشيخ زين الدين بن المرحل وبالشيخ شمس الدين بن عدلان، واستشارهما، فأشارا عليه