من شئتم، وأنا أوليه، ورجع هو والقضاة إلى مصر. ثم إنهم ظفروا بالأشرف، فخنقوه وأقيم بعده ولده علاء الدين علي وهو صبي، ولقب الملك المنصور، فأقام إلى أن مات في صفر سنة ثلاث وثمانين، وعمره يوم مات اثنتا عشرة سنة. وكان التدبير في أيامه لا ينبك البدري، ثم لقرطاي، ثم لبرقوق.
وأقيم بعده أخوه صلاح الدين حاجي بن الأشرف شعبان، ولقب الملك الصالح، وسنة حينئذ تسع سنين، ثم خلع في رمضان سنة أربع وثمانين، وأقيم في السلطنة سيف الدين أبو سعيد برقوق بن أنص؛ ولقب الملك الظاهر؛ وهو أول السلاطين من الجراكسة، وليس فيهم من تسلطن وأبوه مسلم غيره؛ فإن أباه قدم إلى الديار المصرية، فأسلم ومات قبل سلطنة ولده بشهر. وكان الذي أشار بتلقيب برقوق بالظاهر شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني؛ فإن ولايته كانت وقت الظهر، وخطب الخليفة قبل أن يفوض إليه خطبة بليغة، ثم قلده بحضرة البلقيني والقضاة،
واستمر في السلطنة إلى ثالث جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين، فخلع وسجن بالكرك، وأعيد حاجي إلى السلطنة، ولقب الملك المنصور، فأقام إلى صفر سنة اثنتين وتسعين وخلع، وعاد برقوق إلى السلطنة، فاستمر إلى أن مات في شوال سنة إحدى وثمانمائة، وأقيم بعده ولده زين الدين أبو السعادات فرج، ولقب الملك الناصر، وقال بعض الشعراء في ولايته:
مضى الظاهر السلطان أكرم مالك ... إلى ربه يرقى إلى الخلد في الدرج
وقالوا ستأتي شدة بعد موته ... فأكذبهم ربي وماجا سوى فرج
فأقام إلى سادس ربيع الأول سنة ثمان وثمانمائة، فخلع وأقيم أخوه عبد العزيز، ولقب الملك المنصور، ثم خلع في رابع جمادى الآخرة من السنة، وأعيد الناصر فرج، فأقام إلى أن خرج عليه شيخ المحمودي، وقاتله وحصره، وظفر به وحكم ابن العديم