للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالاستمداد لتسطير سيره، وتناجت الكرام الكاتبون بمجمله ومفصله، وتناشدت الرواة حسن نسيبه، وترنمت الحداة بطيب غزله، وتهادت الأقاليم تحف

معجله ومؤجله، وعنيت (١) وجوه المهارق لصعود كلمه (٢) الطيب ورفع صالح عمله، ما كان فيه شكر لنعمة تمنها على الدولة سعادة جدودها وحظوظها، وإفادة مصونها ومحفوظها، وإرادة مرقومها بحسن الاستبداع (٣) وملحوظها، وحمد لمنحة وافاتها بركة أحسنت للمملكة الشريفة مآلا، وقربت لها مثالا، وأصلحت لها أحوالا، وكاثرت مدد البحر وكلما أجرى ذلك ماء أجرت هي مالًا، وإن ضنت السحب أنشأت سحبًا، وإن قيل: سح سحها ورونق الأرض ذهب، عوضت عنه ذهبا، كم لها في الوجود من كرم وكرامة، وفي الوجوه من وسوم ووسامة، كم أحيت مهجًا، وكم جعلت للدولة من أمرها مخرجًا، وكم وسعت أملا وكم تركت صدر الخزائن ضيقًا حرجا، وكم استخدمت جيش تهجد في بطن الليل، وجيش جهاد على ظهور الخيل. وكم أنفقت في واقف في قلب بين الصفوف والحروب، وفي واقف في صفوف المساجد من أصحاب القلوب، كم سبيل يسرت، وسعود كثرت. وكم مخاوف أدبرت حين دبرت، وكم آثار في البلاد والعباد أبرت وأثرت. وكم وافت ووفت، وكم كَفَت وكَفَّت، وكم أعفت وَعَفَت وعفَّت. وكم بها موازين للأولياء ثقلت وموازين للأعداء خفت. وكم أجرت من وقوف وكم عرفت بمعروف. وكم بيوت عبادة صاحب هذه البركات هو محرابها، وسماء جود هو سيحانها ومدينة علم هو بابها. تثني (٤) الليالي على تغليسه إلى المساجد في الحنادس، والأيام على تهجيره لعيادة مرضى الفقراء، وحضور جنائز وزيارة القبور الدوارس. يكتن تحت جناح عدله الظاعن والمقيم، ويشكر يثرب ومكة وزمزم والحطيم. كم عمت سنن تفقداته


(١) ط: "وعنت".
(٢) ط: "كلمة".
(٣) ح: "الاستيداع".
(٤) ح: "تنثني".