للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وآله سلم قال: «أمَا والله، إن أحدكم لَيخرُج بمسألته من عندي يتأ بَّطُها، وما هي إلا نار! » قال عمر: لِمَ تُعطِيها إياهم؟ قال: «ما أصنع؟ يأبَون إلا ذلك، ويأبى الله لي البخلَ». وفي «صحيح مسلم» (١) من حديث عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إنهم خَيَّروني أن يسألوني بالفحش أو يبخِّلوني، فلست بباخل».

فإذا حُمِلَ ذاك الحديث على المعنى الذي ذكرنا، لم يكن مخالفًا لكتاب الله عز وجل، ولا للسنة الصحيحة، ولا للنظر المعقول؛ فلا يكون منكرًا. وعلى هذا بنى من قوَّاه من المحدثين، ووثَّق راويه المتفرد به، مع ما فيه من الخلل. فإن أبى الحنفية إلا المعنى الذي يتشبَّثون به، [٢/ ٨٣] قلنا: فعلى ذلك يكون الحديث منكرًا، فيُرَدُّ ويُضَعَّف راويه اتفاقًا.

خُذَا (٢) أنفَ هَرْشَى أو قَفاها فإنما ... كِلا جانبَي هَرْشَى لهنَّ طريقُ

على أنَّه سيأتي في الحديث الثاني التقييد بأن يكون القتل في مناوشة بين عشيرتين بدون ضغينة ولا حمل سلاح، فيُقتَل رجلٌ لا يُدرَى مَن قاتله. وعلى هذا فلو صحَّ هذا الحديث وكان مطلقًا، لوجب حملُه على ذاك المقيَّد. ومقتضى الحديث أنه في تلك الصورة يُقضى بأن القتلَ شبهُ عمد، فينظر في العشيرتين المتناوشتين، فأيتهما كان المقتول منها كانت ديته مغلَّظة


(١) رقم (١٠٥٦).
(٢) في المطبوع: «خذ» خطأ. والبيت لعَقِيل بن عُلَّفة في «الأغاني» (١٢/ ٢٦١، ٢٦٢) ومعجم البلدان (٥/ ٣٩٨).