للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما اسم الله تعالى «الواحد»، فلفظ «واحد» يراد به في اللغة ما يقابل المتعدد، ومن تتبع مواقعه في القرآن وغيره من الكلام العربي الفصيح وجده يأتي وصفًا لموصوف، ويكون هناك شيء محكوم عليه بالموصوف مع وصفه، فعدم التعدد يكون للمحكوم عليه باعتبار [٢/ ٢٧٩] الموصوف. قال الله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة: ٢١٣] حكم على الناس فيما كانوا عليه بقوله «أمة واحدة»، فعدم التعدد ثابت للناس باعتبار «أمة»، أي لم يكونوا أمتين أو أكثر. وقد يُصرَّح في الكلام بالمحكوم عليه وبالموصوف كما رأيت، وقد يُطوى ذكرُ أحدهما، فيُعرف بالتدبر. ولا أطيل بأمثلة ذلك. وعلى كل حال، فإنه يأتي على أحد معنيين:

الأول: نفي التعدد في المحكوم عليه نفسه كالمثال السابق، نفَى أن يكون الناس كانوا أمتين أو أكثر.

المعنى الثاني: نفي أن يكون مع المحكوم عليه مثلُه أو مثلاه أو أمثاله باعتبار الموصوف، فيكون المجموع متعددًا. ومن ذلك قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [البقرة: (١٦٣)] أي: ليس معه إلاه آخر أو أكثر فيكون المجموع متعددًا. ومن هذا الثاني قولهم: فلان واحد في فنه، أو واحد زمانه، أي: لا نظير له في ذلك.

إذا تقرر هذا فلنذكر الآيات التي ورد فيها هذا الاسم. قال تعالى فيما قصَّه عن يوسف عليه السلام: {يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا} [يوسف: (٣٩) - (٤٠)].