للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[٢/ ٣٥١] الثالث: أن يكون يخص اسمَ الجسم بما يستلزم المحذور، ويرى أن ما ثبت لله عز وجل بما ذكره في عبارته السابقة من الفوقية والنزول كلَّ ليلة إلى السماء الدنيا، والمجيء يوم القيامة، وغير ذلك= لا يقتضي أنْ يسمَّى جسمًا، وإن كان يستلزم ما يسمِّيه غيرُه جسمية. وأيًّا ما كان فلنَدَع الأشعري، وننظر في أصل القضية.

احتجَّ مثبتو الأينية مع النصوص الشرعية وإجماع السلف بأنه لا يُعقل الوجودُ بدونها. وهذا من أجلى البديهيات وأوضح الضروريات.

أجاب المتعمقون بأن هذه بديهية وهمية. قال الغزالي في «المستصفى» (ج ١ ص ٤٦): «السادس: الوهميات. وذلك مثل قضاء الوهم بأن كل موجود ينبغي أن يكون مشارًا إلى جهته، فإنَّ موجودًا لا متصلًا بالعالم ولا منفصلًا عنه، ولا داخلًا ولا خارجًا= مُحالٌ، وأن إثباتَ شيء مع القطع بأن الجهات الستَّ خالية عنه مُحالٌ ... ومن هذا القبيل: نفرةُ الطبع عن قول القائل: ليس وراء العالم خلاء ولا ملأ (١). وهاتان قضيتان وهميتان كاذبتان. والأولى منهما ربما وقع لك الأنسُ بتكذيبها لكثرة ممارستك للأدلة العقلية الموجبة إثباتَ موجودٍ (٢) ليس في جهة ... وهذه القضايا مع أنها وهمية، فهي في النفس لا تتميز عن الأوليات القطعية ... بل يشهد به أول الفطرة كما يشهد بالأوليات العقلية».

قال المثبتون: أما أن القضية بديهية فطرية، فحقٌّ لا ريب فيه. وأما زعمُ


(١) كذا في (ط) هنا وفي المواضع الآتية، وفي «المستصفى» وكتب المتكلمين والفلاسفة: «ملاء» مراعاة لـ «خلاء».
(٢) (ط): «وجود». والتصويب من المستصفى.