للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن كلمات إبراهيم عليه السلام مما يُطْلَق عليه اسمُ الكذب، فالظاهر أنها كانت قبل النبوة كما مرَّ. وبالجملة فهي أشدُّ ما حكي عن الأنبياء، فقد سمَّاها إبراهيم ومحمد عليهما السلام «كذبات»، وسُمِّيت في الحديث (١) «خطايا»، ويرى إبراهيم عليه السلام أنها تقعد به عن رتبة الشفاعة في المحشر، وتقتضي أن يستحيي من ربِّه عز وجل.

وأرى أن أوازن بين تلك الكلمات وبين النصوص التي زعم المتعمِّقون بطلانَ معانيها [٢/ ٢٩٨] الظاهرة، ليتضح للناظر أنه يلزمهم أن يكون إبراهيم أصدقَ من ربِّ العالمين ــ لا من محمد فحسب ــ بدرجات لا نهاية لها. وذلك من وجوه:

الأول: أن كلمات إبراهيم ثلاث فقط، لم يقع منه طول عمره غيرُها. وتلك النصوص تبلغ آلافًا، على أنهم يزعمون أن نصوص التوراة وسائر كتب الله عز وجل كذلك.

الثاني: أن كلمات إبراهيم في مقاصد موقتة، وتلك النصوص تعُمُّ الأزمنةَ إلى يوم القيامة.

الثالث: أن كلمات إبراهيم تتعلق بالذين خاطبهم فقط، وتلك النصوص تعُمُّ حاجةَ الناس إليها إلى يوم القيامة.

الرابع: أن كلمات إبراهيم في مقاصد دنيوية، ليس فيها إخبار عن الله عز وجل ولا عن دينه؛ وتلك النصوص في أصل الدين وأساسه.

الخامس: أن إبراهيم لم يكن عند الذين خاطبهم نبيًّا، فيشتدَّ وثوقُهم


(١) حديث الشفاعة الطويل الذي سبق تخريجه.