لتلك الدعوة، فإنما تدعوه إلى النظر الفِطْري الشرعي مخلصًا من شوائب الهوى. فإن كان الناظر سابقًا على حقٍّ، فإنه يتبين له بهذا النظر أنه حقٌّ، فيلزمه وقد صفا له وخلص، ونجا من اتباع الهوى، وصَفَتْ له الطُّمأنينة.
وأما الضرب الثاني، فمن كان قائلًا بشيء منه عن حجة صحيحة فإن الاستجابة لتلك الدعوة لا تزيد تلك الحجة إلا وضوحًا مع الخلاص عن الهوى، وإلا فالجهلُ بهذا الضرب خير من القول فيه بغير حجة، وإن صادف الحق.
وأما الضرب الثالث، فالمتواتر منه والمُجْمَع عليه لا يختلف حكمُه، وما عداه قضايا اجتهادية يكفي فيها بذلُ الوسع لتعرُّف الراجح أو الأرجح أو الأحوط فيؤخذ به. وإنما يجيء البلاء فيها من أوجه:
الأول: التقصير في بذل الوسع.
[٢/ ١٩٠] الثاني: التمسُّك بما ليس من الحق.
الثالث: الاعتداد بترجيح النفس الذي يكون منشؤه الهوى.
الرابع: عدم الرجوع عما يتبين أن غيره أولى بالحق منه.
الخامس: معاداة المخالف مع احتمال أنه هو المصيب، وظهور أنه إن كان مخطئًا فهو معذور.
فمن شأن تلك الاستجابة لتلك الدعوة أن تدفع هذه المفاسد.