للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قرينة تدافعه وجب الجزم بأن ذاك الظاهر هو المراد.

وهناك نصوص في الأحكام يمثِّلون بها لما ادَّعوه من جواز أن يكون للنص ظاهر غير مراد، ويتأخر بيانه. ونحن نجيب عنها إجمالًا فنقول:

ما ثبت فيه الظهور، وثبت أنه لم تكن قرينة صحيحة تدافعه، وثبت أنه ورد بعده ما يخالفه؛ فإننا نصحِّح ذلك الظاهر ونقول: إنه هو المراد، وإن ما ورد بعده مخالفًا فهو ناسخ له. فإن ثبت أن المتأخر ورد قبل العمل بالمتقدم اخترنا جواز النسخ قبل العمل، ويكون المقصود من الحكم السابق إنما هو ابتلاء المكلفين ليتبين من يتقبل الحكم بالرضا والعزم على العمل به والاستعداد له.

وعلى ذلك، فهذا إنما يتأتى في النصوص المتعلقة بالأحكام، دون النصوص المتعلقة بالعقائد. [٢/ ٣٤٢] والفرقُ بين النصوص التي قيل إنها كانت من المجمل الذي له ظاهر غير مراد، وهي متعلقة بالأحكام، وبين النصوص المتعلقة بالعقائد التي ينفرد المتعمِّقون بإنكار ظواهرها= من وجوه:

الأول: أن الأولى يُعقَل فيها تأخُّرُ الحاجة، كآية تنزل في شوال، وتتعلَّق بحكمٍ لصيام رمضان. فأما الثانية، فالحكم المقصود منها يتعلق بالاعتقاد، وهو يحصل عقب السماع، فوقتُ الحاجة فيها هو وقتُ الخطاب.

الوجه الثاني: أن الأولى يُعقَل فيها قيامُ قرينةٍ تُدافِع الظهور. وأما الثانية فبعيدة عن ذلك؛ لأن كثيرًا منها أو أكثرها كانت موافقة لعقول المخاطبين، فدلالةُ العقل تَدفع ما قد يحتمل من قرينة، وتُصيِّر النصَّ صريحًا في ظاهره.