للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[٢/ ١٧٥] مقدمة

قال الله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: ١٥].

تضافر العقل والشرع على إثبات أن الله تبارك وتعالى غنيّ عن العالمين، وأنه سبحانه الحكيم الحميد، فخلقُ اللَّهِ تعالى الخلقَ وتكليفُه لهم لا يكون إلا موافقًا لما ثبت من غناه سبحانه وحمده وحكمته.

وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦]. وعبادته سبحانه هي طاعته بامتثال ما أمر به ورضِيَه، واجتناب ما نهى عنه وكرهه. ولم يكن الغني الحميد، الحكيم العليم، ليأمر عباده إلا بما هو خير لهم، ولا لينهاهم إلا عمّا هو شرّ لهم. فإن أمرهم أو نهاهم للابتلاء فقط، فطاعته نفسها خير لهم، وعصيانه شر لهم.

وقد قال تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر: ٧].

تقول العرب: لا أرضى منك بكذا، وأرضى منك بكذا، إذا كانت الفائدة للمتكلم. فإذا كانت إنما هي للمخاطَب، ولكن المتكلم بكرمه ورحمته يحبّ الخير ويكره الشر، قالوا: لا أرضى لك كذا، وأرضى لك كذا.

وقال تعالى فيما قصَّه عن لقمان: {وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [لقمان: ١٢].

وفيما قصَّه عن سليمان: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: ٤٠].