للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن الحسن بن حماد سجادة». فقول الأستاذ: «وذلك ما حُدِّثه» حقُّها أن [١/ ٢٥٩] تُقرأ هكذا بالبناء للمجهول. فعلى هذا لا يُدرى مَنْ شيخ ابن أبي العوّام، إن كان له شيخ غير نفسه، وصحَّ الخبر عنه.

ومن ذلك أن الخطيب ساق عدة روايات (١) عن الثوري والأوزاعي قال: «ما وُلد في الإسلام مولودٌ أشأمُ على هذه الأمة من أبي حنيفة».

فقال الأستاذ (ص ٧٢): «لو كان هذا الخبر ثبَتَ عن الثوري والأوزاعي لسقطا بتلك الكلمة وحدها في هُوَّة الهوى والمجازفة، كما سقط مذهباهما بعدهما سقوطًا لا نهوض لهما أمام الفقه الناضج. وقد ورد: «لا شؤم في الإسلام». وعلى فرض أن الشؤم يوجد في غير الثلاث الواردة في السنة، وأن صاحبنا مشؤوم، فمن أين لهما معرفةُ أنه في أعلى درجات المشؤومين؟ ... ».

أقول: لم يريدا الشؤم الذي نفاه الشرع، وإنما أرادا الشؤم الذي يُثبته الشرع والعقل. إذا كان في أخلاق الإنسان وأقواله وأفعاله ما من شأنه ديانةً وعادةً وقوعُ الضرر والمصائب بمن يصحبه ويتبعه، ويتعدّى ذلك إلى غيرهم، ووقع ذلك ولم يزل ينتشر، ودلَّت الحالُ على أنه لن يزال في انتشار= صحَّ أن يقال: إنه مشؤوم. وإذا ظُنّ أن ما يَلْحق الأمةَ من الضرر بسبب رجل [أكثر مما يلحقها بسبب رجلٍ] (٢) آخر= صحَّ أن يقال: إنه لم يولد مولودٌ أشأَمُ على الأمة منه.

كان الثوري والأوزاعي ــ كجمهور الأئمة قبلهما وفي عصرهما ــ يريان


(١) (١٣/ ٤١٨ - ٤١٩).
(٢) زيادة يقتضيها السياق، لعلها سقطت بسبب انتقال النظر.