للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[٢/ ٤٤] المسألة الخامسة

المحرم لا يجد إزارًا أو نعلين يلبس السراويل والخفَّ

ولا فديةَ عليه

في "تاريخ بغداد" (١٣/ ٣٩٢ [٤٠٩]) من طريق حماد بن زيد قال: "شهدتُ أبا حنيفة، وسُئل عن محرمٍ لم يجد إزارًا، فلبس سراويل. قال: عليه الفدية. قلت: سبحان الله! ... ".

قال الأستاذ (ص ٩٤): " ... فهذان إنما أُبيحا لعذر كمن به أذى في رأسه، فلا تحول هذه الإباحة دون وجوب الفدية، كمن في رأسه أذًى فلَبِس، على ما في القرآن الكريم. وليس في الأحاديث ما يصرِّح بسقوط الفدية عن المعذور".

أقول: الذي في القرآن هو قول الله تبارك وتعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦].

فالذي في الآية الحلق. فقول الأستاذ: "فلبِسَ، على ما في القرآن الكريم" لا وجه له، اللهم إلا أن يريد: قياسًا على ما في القرآن؛ ففي عبارته تلبيس.

ومع ذلك، ففي صحة القياس نظر، لتوقُّفها على عدم فارق، والفارقُ هنا قائم؛ فإن الحلق شديد المنافاة للإحرام، بدليل أنه جُعل عَلَمًا للخروج من الإحرام ــ أعني التحلل ــ كما جُعل السلامُ عَلَمًا على الخروج من الصلاة. والسلامُ من خطاب الناس، وهو أشدُّ منافاةً للصلاة من غيره، بدليل أنه لا يجوز منه في الصلاة قليل ولا كثير حتى في حال القتال، وإن احتاج إليه