الأولى: المجمل وهو ما لم يبيَّن فيه السبب كقول الجارح: "ليس بعدل"، "فاسق". ومنه ــ على ما ذكره الخطيب في "الكفاية"(ص ١٠٨) عن القاضي أبي الطيب الطبري ــ: قول أئمة الحديث: "ضعيف"، أو "ليس بشيء". وزاد الخطيب قولهم:"ليس بثقة".
الثانية: مبيَّن السبب، ومثَّل له بعض الفقهاء بقول الجارح:"زان"، "سارق"، "قاذف".
ووراء ذلك درجات بحسب احتمال الخلل وعدمه. فقوله:"فلان قاذف" قد يحتمل الخلل من جهة أن يكون الجارح أخطأ في ظنه أن الواقعَ قَذْف، ومن جهة احتمال أن يكون المرمي مستحقًّا للقذف، ومن جهة احتمال أن لا يكون الجارح سمع ذلك من المجروح وإنما بلغه عنه، ومن جهة أن يكون إنما سمع رجلًا آخر يقذف فتوهَّم أنه الذي سمّاه، ومن جهة احتمال أن يكون المجروح إنما كان يحكي القذف عن غيره، أو يفرض أن قائلًا قاله فلم يسمع الجارح أول الكلام، إلى غير ذلك من الاحتمالات. نعم إنها خلاف الظاهر، ولكن قد يقوى المعارض جدًّا فيغلب على الظن أن هناك خللًا وإن لم يتبين.
واختلف أهل العلم في الدرجة الأولى ــ وهي الجرح المجمل ــ إذا صدر من العارف بأسباب الجرح، فمنهم مَن قال: يجب العمل به، ومنهم من قال: لا يعمل به؛ لأن الناس اختلفوا في أشياء يراها بعضهم فسقًا ولا