للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج قال: كان قول عطاء على قول عمرو بن شعيب: لا تُقطَع اليد في أقل من عشرة دراهم». وهذا يُشعِر بأن عطاء إنما أخذ هذا القول عن عمرو بن شعيب، وهذا عكسُ ما زعمه ابن إسحاق. أفيجوز أن يكون عند ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، فيترك أن يقول: كان قول عطاء على قول ابن عباس، ويعدل إلى عمرو بن شعيب؟ !

وقد كان لابن عباس أصحاب حفَّاظ فقهاء كأنوا ألزمَ له وأعلمَ به من عطاء، ولم يروِ أحد منهم عنه في هذا الباب شيئًا. فأما ما روى عبد الرزاق (١)، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: «ثمن المجنّ الذي يُقطع فيه دينار» ذكره ابن التركماني (٢) = فليس بشيء. إبراهيم ساقط، ولاسيَّما إذا لم يُصرِّح بالسماع. وأما حسنُ ظنِّ الشافعي به، فكأنه كان متماسكًا لمَّا سمع منه الشافعي، ثم ظهر فساده.

وقد قال ابن أبي شيبة في «المصنف» (٣): «حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن خالد (بن مهران الحذاء)، عن عكرمة قال: تُقطع اليد في ثمن المجن. قال قلت له: ذكرَ لك ثمنَه؟ قال: أربعة أو خمسة». وعبد الوهاب وخالد من الثقات المشهورين. أفتراه يكون عند عكرمة عن مولاه ابن عباس أنه دينار أو عشرة دراهم، فيعدل عنه إلى ما لا يدري عمن أخذه مع شكِّه فيه؟

فهذا كلُّه يبيِّن أن ابن عباس لم يقل ما رواه ابن إسحاق قطُّ، وأن عطاء


(١) في «المصنف» (١٨٩٥٦).
(٢) في «الجوهر النقي» (٨/ ٢٥٧).
(٣) (٩/ ٤٧١).