للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أخذ من عمرو بن شعيب، أو مما روي عن مجاهد وعطاء، وقد تقدَّم ما فيه.

وقد روى الثوري (١) أيضًا عن عيسى بن أبي عزة، عن الشعبي, عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع في مجنٍّ ثمنه خمسة دراهم. قال ابن التركماني (٢): «فيه ثلاث علل: الثوري مدلِّس وقد عنعن. وابن أبي عزة ضعَّفه القطان، وذكره الذهبي في كتابه في «الضعفاء». والشعبي عن ابن مسعود منقطع».

أقول: أما الأولى فنعم، وأما الثانية فإنما حكى ذلك العُقَيلي (٣)، وهو لم يدرك القطَّان (٤)،

[٢/ ١٣٢] ومع ذلك فهو جرح غير مفسَّر، وابن أبي عزة وثَّقه أحمد وابن معين وابن سعد. فأما الذهبي، فمعلوم أن قاعدته أن يذكر في «الميزان» (٥) كلَّ مَن تُكُلِّم فيه، ولو كان الكلام يسيرًا لا يقدح. وأما


(١) أخرجه من طريقه ابن أبي شيبة في «المصنَّف» (٩/ ٤٦٩) وأبو داود في «المراسيل» (٢٤٣) والنسائي (٨/ ٨٢).
(٢) في «الجوهر النقي» (٨/ ٢٦٢).
(٣) في «الضعفاء الكبير» (٣/ ٣٩٠).
(٤) كذا قال المصنف رحمه الله، وعُمدتُه في ذلك قول الحافظ في «التهذيب»: «وذكره العقيلي في «الضعفاء» وقال: ضعَّف حديثه يحيى بن سعيد القطان»، فإن ظاهره أن العقيلي حكى التضعيف ولم يروه بسنده كما هو الغالب عليه وعلى أئمة الجرح والتعديل، ولكن الواقع خلاف ذلك، فقد قال العقيلي في كتابه المذكور: «حدثنا محمد بن عيسى، قال حدثنا صالح بن أحمد، قال: حدثنا علي، قال سألت يحيى عن حديث عيسى بن أبي عزة (قلت: فذكره وقال: ) فضعَّف الحديث». [ن].

وعلي هو ابن المديني الحافظ، وقد تقدمت ترجمته برقم (١٦٢).
(٥) قلت: «الميزان» غير «الضعفاء»، وهذا هو الذي عزى إليه ابن التركماني تضعيف القطان. وجواب المصنف يشعر بأنه هو «الميزان» نفسه، وليس كذلك، فإنهما كتابان، قاعدته في الأول منهما كما ذكره المصنف، وقاعدته في الآخر كما نص عليه هو في مقدمته: «فهذا ديوان أسماء الضعفاء والمتروكين، وخلق من المجهولين، وأناس ثقات فيهم لين». وقد طبع أخيرًا بتحقيق الشيخ حماد الأنصاري، وطريقته فيه، إما أن يذكر رأيه في المترجم، كأن يقول فيه: «ضعيف» أو «متروك» أو «متهم» ونحوه، كما هو أسلوب الحافظ ابن حجر في «التقريب». وإما أن ينقل الجرح عن بعض الأئمة، كأن يقول: «ضعَّفه الدارقطني» أو «قال النسائي: ليس بقوي» أو «قال أبو حاتم: لا يحتج به» وهكذا، فكل من يورده فيه ضعيف إلا أفرادًا قليلين يصرح بتوثيقهم، إما تمييزًا وإما لدفع التهمة عنه، فمن الأول قوله: «إبراهيم بن نافع الحلاب البصري قال أبو حاتم: كان يكذب. أما إبراهيم بن نافع عن عطاء المكي فثقة». ومن الآخر قوله: «أحمد بن الحسن بن خيرون، ثقة حافظ تكلم فيه ابن طاهر بكلام بارد، وهو أوثق من ابن طاهر بكثير»، وقد لاحظنا أنه كثيرًا ما يختلف اجتهاده في هذا الكتاب، عنه في «الميزان»، ومن الأمثلة القريبة على ذلك، عيسى بن أبي عزة هذا، فإنه حكى فيه تضعيف القطان له، ثم توثيق جماعة من الأئمة له، ثم ختم ذلك برأيه فيه فقال: «حديثه صالح». وهذا معناه أنه مقبول عنده، ومع ذلك أورده في ديوانه «الضعفاء» وضعَّفه بقوله: «قال القطان: حديثه ضعيف». والظاهر أن المصنف لم يراجع «الميزان» حين كتب الجواب، وإلا لكان يجد فيه ردًّا أقوى في قول الذهبي: «حديثه صالح»، وذلك بيِّن لا يخفى. والمعصوم مَن عصمه الله. [ن].