فهذا المعيار هو الذي ارتضاه الله عز وجل لعباده، وكره لهم ما عداه. فهو الصراط المستقيم، [٢/ ٢٢٠] وسبيل الله، وسبيل المؤمنين. وله مزايا لا تُحْصى.
منها: أنه أتمُّ وأعمُّ من معيار المتعمّقين الضئيل الفائدة.
ومنها: أنه لا يؤدِّي إلى ما وقعوا فيه من الخروج عن الشرع والعقل بنسبتهم الكذب إلى الله تعالى ورسله، كما يأتي شرحه.
ومنها: أنه لا يؤدي إلى الاختلاف في الدين وتفريقه، بدليل أن الصحابة والتابعين لهم بإحسان لم يختلفوا. فإن أدَّى إلى اختلافٍ مَّا فلا يكاد يكون إلا من قبيل الاختلاف في فروع الفقه، لا يلزم المخطئَ فيه كفر ولا ضلال. على أنه إن خيف اختلاف في الدين كان الواجب على الأكثر في زمن غَلَبة الخير عدم التدقيق، وعلى الأقل كتمان قولهم، كما جرى عليه السلف في مسألة القَدَر.
ومنها: أن المخطئ إذا لم يقصّر تقصيرًا بيِّنًا يرجى له العفو، لأنه لم ينشأ خطاؤه عن اتباع غير سبيل المؤمنين، والتماس الهدي من غير الصراط المستقيم.
ومنها: تيسُّر المعرفة بدون خروج عن الصراط المستقيم ولا اتباع السبل المفرقة عن سبيل الله عز وجل. إذ يكفي للمعرفة العلمُ بكتاب الله تعالى وسنة رسوله، بدون حاجة إلى التعمّق والمنطق والفلسفة.
ومنها: أن العامة لا يحتاجون معه إلى التقليد المريب المُوقِع للمسلمين في الاختلاف والتفرُّق والتنابذ والتنابز والفتن، لأن القضية إما أن يتفق عليها