للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

توقفًا. ولنسمِّ هذا الجنس اعتقادًا جزمًا، وهو أكثر اعتقادات عوام المسلمين واليهود والنصارى في معتقداتهم وأديانهم، بل اعتقاد أكثر المتكلمين في نصرة مذاهبهم. فإنهم قَبِلوا المذهب والدليل بحسن الظنّ في الصِّبا، فوقع عليه نَشْؤهم. فإن المستقلّ بالنظر الذي يستوي ميلُه في نظره إلى الكفر والإسلام عزيز.

الحال الثالثة: أن يكون لها سكون إلى الشيء والتصديق به. وهي تُشعر بنقيضه أو لا تُشعر، ولكن لو أُشْعِرت لم ينفِر طبعُها عن قبوله. وهذا يسمى ظنًّا، وله درجات ... ".

أقول: إذا قُرِن هذا بما تقدم في حال النظر المتعمَّق فيه في الإلهيات تبيَّن بيانًا واضحًا أن غالب أقيسته أو عامتها خصوصًا ما يخالف المأخذين السلفيين لا تفيد اليقين، بل تَقْصُر عند النُّظَّار العارفين عن إفادة الاعتقاد الجازم.

[٢/ ٢٢٧] فإن قيل: فكذلك أو قريب منه أدلة المأخذين السلفيين، لأنها تقبل التشكيك ولو بصعوبة.

قلت: أما جلائل الأدلة من المأخذ السلفي الأول، وهي التي يتوقَّف عليها ثبوتُ أصل الشرع، فإنها تقبل التشكيك عند من ابتُلِي بالنظر المتعمَّق فيه. وهذا لا يضرُّنا، فإن من هؤلاء من شكَّ في البديهيات كلها، ومنهم من يشكّ في كل شيء، ومنهم من يجحد كلّ شيءٍ فيقول: ليس في نفس الأمر شيء بحقٍّ، كما تقدم. على أننا إن سلّمنا قبول التشكيك مطلقًا، فإننا نقول: إن ذلك إنما يكون في حقِّ من لم يقبل الشرع الحق ويمتثل أوامره. ووجوب قبول الشرع يكفي فيه العلم بأنه أولى بالحق والصدق والنجاة والسعادة،