للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العلم ما دافع به عن دينه، كما نقل عن أبي سليمان الداراني أنه قال: "ربما تقع في قلبي النُّكتة من نُكَت القوم أيامًا، فلا أقبل منه إلا بشاهدين عدلَيْن: الكتاب والسنة". ذكرها ونحوَها من كلامهم أبو إسحاق الشاطبي في "الاعتصام" (١٠٦ - ١٢١) (١).

[٢/ ٢٤٠] ومنهم من سَلِم لهم أصل الإيمان، لكن وقع في البدع العملية. ومنهم من كان سلطانُ الشيطان عليه أشدَّ، فأوقعه في أشدَّ من ذلك، كما ترى الإشارة إلى بعضه في ترجمة رياح بن عَمْرو القيسي من "لسان الميزان" (٢). ثم صار كثيرٌ من الناس يتحرَّون العزلة والجوع والسهر لتحصيل تلك الآثار، فقوي سلطانُ الشيطان عليهم. ثم نُقِلتْ مقالات الأمم الأخرى، ومنها الرياضة وشرحُ ما تُثمِره من قوة الإدراك والتأثير، فضمَّها هُواتُها إلى ما سبق، مُلْصِقين لها بالعبادات الشرعية، وكثر تعاطيها من الخائضين في الكلام والفلسفة. فمنهم من تعاطاها ليروِّج مقالاته المنكرة بنسبتها إلى الكشف والإلهام والوحي، ويتدرَّع عن الإنكار عليه بزعم أنه من أولياء الله تعالى. ومنهم من تعاطاها على أمل أن يجد فيها حلًّا للشكوك والشبهات التي أوقعه فيها التعمّقُ في الكلام والفلسفة.

ومن أول من مزج التصوف بالكلام الحارثُ المحاسبي، ثم اشتدّ الأمر في الذين أخذوا عنه فمَن بعدهم. وكان من نتائج ذلك قضية الحلَّاج، ولعله كان في أقران الحلَّاج مَن هو موافق له في الجملة، بل لعل فيهم مَن هو أوغلُ


(١) وانظر "الاستقامة" (١/ ٩٥ وما بعدها)، و"الرسالة القشيرية" (١/ ٨٦).
(٢) (٣/ ٤٨٨).