للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التشيع، حتى قيل لشعبة: حدِّثنا عن ثقات أصحابك، فقال: "إن حدثتكم عن ثقات أصحابي، فإنما أحدِّثكم عن نفرٍ يسير من هذه الشيعة: الحَكَم بن عُتيبة، وسَلَمة بن كُهيل، وحبيب بن أبي ثابت، ومنصور" (١). راجع تراجم هؤلاء في "تهذيب التهذيب" (٢).

فكأنَّ الجوزجاني لما علم أنه لا سبيل إلى الطعن في هؤلاء وأمثالهم مطلقًا حاول أن يتخلّص مما يكرهه من مرويّاتهم، وهو ما يتعلق بفضائل أهل البيت. وعبارته المذكورة تعطي أن المبتدع الصادق اللهجة، المأمون في الرواية، المقبول حديثه عند أهل السنة، إذا روى حديثًا معروفًا عند أهل السنة غير منكر عندهم، إلا أنه مما قد تُقوّى به بدعتُه، فإنه لا يؤخذ وأنه يُتَّهم. فأما اختيار أن لا يؤخذ، فله وجه رعاية للمصلحة كما مرَّ. وأما أنه يُتَّهم، فلا يظهر له وجه بعد اجتماع تلك الشرائط، إلا أن يكون المراد أنه قد يتهمه مَن عَرَف بدعته ولم يعرف صدقه وأمانته، ولم يعرف أن ذاك الحديث معروف غير منكر، فيسيء الظن به وبمروياته. ولا يبعد من الجوزجاني أن يصانع عما في نفسه بإظهار أنه إنما يحاول هذا المعنى، فبهذا تستقيم عبارتُه.

أما الحافظ ابن حجر، ففهم منها معنًى آخر قال في "النخبة وشرحها": "الأكثر على قبول غير الداعية، إلا أن يروي ما يقوِّي مذهبه، فيُرَدُّ على المذهب المختار. وبه صرح الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني شيخ أبي داود والنسائي". وسيأتي [١/ ٤٧] الكلام معه إن شاء


(١) "تقدمة الجرح والتعديل": (١/ ١٣٨).
(٢) على التوالي: (٢/ ٤٣٢ - ٤٣٤ و ٤/ ١٥٥ - ١٥٧ و ٢/ ١١٨ و ١٠/ ٣١٢ - ٣١٥).