فهذه الأنواع من المغالطات والمجازفات هي أغلب ما ناقش المؤلف الكوثريَّ فيه، وبيَّن تهافتَ كتابه، وسقوطَ حججه أمام التحقيق والبرهان، وأظهر بجلاء أن صياغة الكوثري المُحْكمة لكتابه ما هي إلا ستر خفيف للتغطية على بناء مهلهل من الداخل.
٧ - جرى المؤلف في كتابه على نمطٍ صعب من التحلّي بأدب النقاش، وجمال العبارة، ومنهاج ثابت من الخلق الحسن والإنصاف للخصم. فقد جرى في طول الكتاب وعرضه على وصف الكوثري بـ (الأستاذ)، وكان عفيف العبارة لم يجرح ولم يبكّت ولم يُجار الكوثريَّ حتى فيما يمكن مجاراته فيه من باب {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة: ١٩٤]. غير أنه قد يشتد في مواضع نادرة جرّأه عليها إساءةُ الأستاذ القول في أئمة السنة، كما قال في «الطليعة»(ص ٤)، وكما هو واقع في «التنكيل» في التراجم ذوات الأرقام (٢٣ و ٩٨ و ١٨٩ و ١٩١).
٨ - صرّح المؤلف في ترجمة البخاري رقم (١٩١) أنه سلك في هذا الكتاب سبيل المجاملة، قال:«وليس هذا موضع استيفاء الحق»، وأنه قد أعدّ لاستيفاء الحق عدّته إن لزم الأمر.
أما القسم الثالث الخاص بالفقه، فقد بحث فيه سبع عشرة مسألة, وكان سبب الكلام عليها تعقب الأستاذ الكوثري في كتابه «التأنيب» على الخطيب البغدادي لإيراده أحاديث في ترجمة الإمام أبي حنيفة من «تاريخ بغداد» , ونقل إنكار بعض المتقدمين على الإمام بسبب ترك العمل بها وردّها.